لم أرها عندما وُلدت
كنتُ في ريعان ربيعي
حين هزَّت الريحُ صفاء زماني
ضاق بي وطني، فنفاني..
لم أرها عندما وُلِدَتْ..
حَبَتْ.. ثم مَشَتْ..
سبقَتْ خُطوتَها..
وقعَتْ وبَكَتْ..
لم أجففْ دمعَتها بمنديل الحنانِ..
لم أهدِها لعبةً طفلٍ
لم أعلِّمْها رسمَ الحروفِ
ونسج المعاني..
لم أدرّبْها على تسَلُّق الأشجارٍ
وترديد الأغاني..
***
ذات نهارٍ أبلجٍ
قابلتُها على رصيف الأماني
بعد أن حطَّت على كتفيْها
صُنوف الزمانِ..
قلت: اعذريني!
وإذا شئتِ لا تعذريني!
خُذيني لعبةً قديمةً
من زمانٍ مضى..
وافعلي بها ما شئتِ
وإن خُفتِ أن تكسريها
اكسريني!
ثم اجمعيني..
وارتقيني قطعةً.. قطعةً
علّنا نعودُ معا إلى ماضٍ
يؤُول إلى غدٍ
لا تمزّقهُ نيوبُ الغدرِ والهوانِ..
***
أعود إليكِ، فعودي إليَّ
وكلّما بحثتِ عن بقعةِ نورٍ
خُذيها من عيوني!
وحين أُبعثُ حيّاً
سأبحثُ عنكِ
في البيت القديمِ
وفي البستان الذي استراحَ
بين الغارِ والزيْزَفونِ..
أعود إليكِ.. تعودين إليّ
كي نُفلّي شعرَ أيامِنا
من نفايات السِنينِ..
كي ننسجَ وجهَ صِبانا
من تجاعيد الحَنينِ.
نيويورك