أجواء مشحونة أدت إلى نسف الهدنة التي كانت ستنتهي رسميا ظهيرة اليوم الاثنين، واطلاق رصاصات تروّع النساء والأطفال، وحرق محلات تجارية، وخسائر بالملايين لكافة التجار بعد امتناع عشرات الآلاف من عرب الداخل من زيارة المدينة خلال الأسبوع الأخير.
عشرات رجال الأمن والوحدات الخاصة الفلسطينية تتجول في شوارع المدينة، وتحرس المحلات التجارية والمصانع التابعة لعائلتي الجعبري والعويوي - عائلتان عريقتان في خليل الرحمن، تتبادلان التهم اليوم، بعد مقتل الشاب باسل الجعبري الأسبوع الماضي. حديث الناس في شوارع الخليل هذه الأزمة، حيث يقول البعض بأن السلطة الفلسطينية وحركتي فتح وحماس تدخلوا بكامل ثقلهم من أجل وقف حمام الدم. حتى الوفود من عرب الـ48 التي زارت المدينة، لم تساهم في وقف الاحتقان بين العائلتين، وكما قال أحد المواطنين في حديث لمراسل "كل العرب" بأن "كل واحد راكب راسه".
روايتان مختلفتان
وقالت عائلة الجعبري إن ابنها قتل بخمس رصاصات وهو "طالب علم مجتهد، وكل ما نشر حوله ادعاءات وافتراءات وأكاذيب مدسوسة في محاولة لتبرير جريمة قتله". وبحسب رواية العائلة، فإن الجعبري، مكث أقصى مدة له في الخارج ما يقارب العام متواصلة خلال الـ15 عاما الماضية، وكل ما نشر حول "تهريبه إلى الخارج خشية المحاسبة ادعاءات وافتراءات لا أساس لها من الصحة".
وأوضحت في مؤتمر صحفي: "عندما حدثت جريمة مقتل شاب من عائلة العويوي في قبل 15 عاما، كان باسل طالبا في جامعة الخليل، وأكمل دراسته بعدها في جامعة القدس، وكان يعيش في مدينة الخليل ويمشي في شوارعها أمام أعين الناس ولم يكن قاتلا كما يدعي البعض".
وفيما يتعلق بجريمة القتل السابقة تقول العائلة: "بعد مقتل شاب من عائلة العويوي، وجهت الأجهزة الأمنية تهمة التدخل بحكم أن المشكلة مع عائلته وجرى حينها اعتقال عدد كبير من المتواجدين والتحقيق معهم سواء من لهم علاقة أم ليست لهم أي علاقة بالجريمة. لم تكن هناك أي إمكانية لإدانته بالخصوص، وتم الإفراج عنه وأكمل حياته بشكل طبيعي، لسنوات قبل أن تتم تصفيته قبل أيام".
أما عائلة العويوي فتقول من جانبها إنّه "تم التأكد من أن الشاب كان ضالعا في جريمة القتل في العام 2006"، وحسب مصادر محلية فهي تؤكد أن "الدائرة أغلقت – بقبر مقابل قبر"، حسب الوسطاء بين العائلتين.
وأضافت العائلة أنها "قمنا بأخذ حقنا بالقصاص وفقاً للقوانين والشرع، لم نقدم على القصاص إلا بعد التأكد بكافة الوسائل والطرق المشروعة وبالأدلة والبراهين التي تثبت القاتل والتريث دون الثأر أكبر دليل. عائلة الجعبري خرجت عن كافة العادات والتقاليد والقيم والأخلاق وقامت بالإفساد في الأرض من حرق وتدمير وااتلاف لممتلكات العائلة وترويع الآمنين. نحذر أي أحد يحاول العبث في ممتلكاتنا وأرواحنا وترويع الآمنين ونقول بأن صبرنا قد نفذ أمام كل هذه العنتريات الهوجاء، وأننا إن ضربنا سنوجع".
ودعت عائلة العويوي العشائر والوجهاء والأجهزة الأمنية، "للعمل على ضبط الوضع والزام هذه الفئة إلى الاحتكام للعقل والانصياع للقانون والحفاظ على الدم الفلسطيني".
فشل محاولات التوصل لاتفاق
في الأيام الأخيرة، فشلت محاولة عشائر الخليل وأسرى سابقين، بينهم الأسير السابق خضر عدنان، في التوصل إلى اتفاق لحل الخلاف بين عائلتي الجعبري والعويوي، بعد تمسك عائلة الجعبري بطلبها حول آلية التعامل مع قتل باسل، وإصرار عائلة العويوي في المقابل على رفض هذا الطلب.
وتعمل مواقع التواصل الاجتماعي "ساعات إضافية" في الأيام الأخيرة لنشر الصور التي تقض مضاجع الأمن الفلسطيني ووجهاء العائلات الكبيرة في جبل الخليل، الذين يواصلون الليل بالنهار من أجل وقف تدهور الأوضاع، آخرها صور لمسلحين ونشر ارقام خيالية تتحدث عن "آلاف المسلحين المستعدين لخوض معارك" – فيما تمّت أعمال حرق وتكسير طالت مركبات ومحلات تجارية في عدة أحياء بمدينة الخليل فور وقوع جريمة القتل.
ويقول أحد التجار المحليين لمراسلنا: "الحقيقة هي أن الكثير من المنتفعين دخلوا على الخط في هذه المواجهة، من أجل صب الزيت على النار، لأهداف مختلفة. لا شك أن خليل الرحمن تخسر من اسمها ويجب أن يتم الحل وفق الشرع وكذلك العادات والتقاليد التي لا تتنافى مع ديننا الإسلامي".