تعمقت الفجوات بين طلاب المجتمعين العربي واليهودي بشكل كبير جدًا خلال العاميين الدراسيين الماضيين، فإلى جانب الفروقات الكبيرة الموجودة في البلاد أتت جائحة الكورونا لتعمّق الفجوات، بحيث أثرت الأزمة الصحية بشكل كبير على طلبة المدارس في المجتمع العربي بشكل خاص، وذلك بسبب شح الميزانيات والبنى التحتية للمدارس العربية في البلاد، التي عانت على مدار عشرات السنوات من التمييز.
في هذا الشأن تحدث مراسل موقع وصحيفة كل العرب، أمير علي بويرات، مع رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي د. شرف حسّان، الذي تطرق أيضًا إلى إفتتاح العام الدراسي الجديد، إمكانية تأجيل إفتتاح العام الدراسي، وإنتشار الفيروس، وعن الفجوات التي سببتها أزمة فيروس الكورونا، والطلبة في مدارس النقب، والنقص في الحواسيب والمعلمين، ومدى إمكانية سد الفجوات، أجرى مراسل كل العرب هذا اللقاء الموّسع.
رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي د. شرف حسّان
حول الفجوات وامكانية تقليصها، قال د. شرف حسّان:" بدايةً نتمنى ان يكون هذا العام موفقا وناجحا لطالابنا، وذلك حتى نتمكن من سد الآثار المدمرة التي سببتها أزمة فيروس الكورونا خلال الفترة السابقة، حيث أن جائحة الكورونا أثرت على عامين دراسيين وليس واحد، وكان صدى هذه الأزمة كبيرا جدًا على الطلبة العرب في المدارس، لا سيما أن الجهاز التربوي فشل في الوصول إلى الطلبة بسبب عدم ملائمة الخطة التدريسية للطلبة وإحتياجات المجتمع العربي بشكل خاص".
الإستعداد لكل السيناريوهات
وأضاف حسّان أن:" ما يحصل الان من تخبطات على مستوى الحكومة بشأن العام الدراسي المقبل، ومن الواضح أنّ وزارة التربية والتعليم تعمل على فتح العام الدراسي وتقترح خططا لهذا الغرض، حيث أننا لا نعلم إذا كانت هذه الخطط محكمة ومنسقة مع السلطات المحلية العربيّة، وأيضًا يجب أن تستعد وزارة التربية والتعليم لمختلف السيناريوهات".
وحذّر حسان من:"ما حصل في العام السابق وهو عدم وجود إستمرارية في التعليم، والانتقال من الخطة أ إلى ب، حيث ان هذه الانتقالات وعدم الاستقرار والثبات أدى إلى خسائر فادحة من الجانب العلمي والتعليمي للطلبة، وكنا قد طلبنا من وزارة التربية والتعليم ان تكون الخطط الجديدة مناسبة لمجتمعنا العربي، وتستطيع تحمل مُختلف السيناريوهات".
التأجيل خطأ فادح
وبخصوص اقتراح تأجيل العام الدراسي إلى اكتوبر/ تشرين أول القادم، أعرب:" تأجيل إفتتاح العام الدراسي إلى شهر أكتوبر/ تشرين الأول القادم هو خطر كبير على المجتمع العربي، لأنه شهر سبتمبر/ أيلول بمعظمه يكون أعياد للوسط اليهودي، بحيث يكون عدد أيام التعليم قليل جدًا، وهذه ليست خسارة كبيرة بالنسبة لهم، وعلى العكس يكون الخطر الكبير على المجتمع العربي، إذ أن جل التعليم بالمجتمع العربي يكون في الأشهر الأولى من السنة الدراسية، لذلك إذا تم تأجيل إفتتاح العام الدراسي وعدم وجود تعليم في شهر سبتمبر/أيلول، كيف ومتى من الممكن تعويض الطلبة للمواد التي خسروها!، وبحال أرادوا تعويض الطلبة في الصيف فهذا ليس مجدٍ لأن الخطط التعليمية في الصيف ليست جيدة وعميقة وأيضًا لا تلبي الإحتياجات، لذلك مطلبنا ان تكون الخطط ملائمة مع مجتمعنا".
وعن مكافحة الوباء ومحاصرته، قال حسّان:" هناك حاجة ملّحة ومهم ان نقوم بكل ما نستطيع من أجل محاصرة الوباء، لا نريد أن يدفع طلابنا ثمنًا إضافيًا، لأن ما خسرناه حتى اللحظة كبير جدًا ومن الصعب تعويضه، ونحن نرى أن الخطط الحكومية لا تلبي ما خسره الطلبة حتى اللحظة، لذلك من المهم ان نأخذ زمام المبادرة والمسؤولية لنستطيع محاصرة الوباء، فيما أننا وضعنا في سلم الأولويات قضية التعليم وأن لا يخسر الطلبة من الناحية التعليمية، ومازال بإمكاننا فعل الكثير لمحاربة الوباء".
وبشأن السلطات المحلية العربيّة، تحدث حسّان:" مهم على السلطات المحلية العربية ان تعمل كل ما بوسعها من أجل التجهيز لإفتتاح العام الدراسي الجديد، وأنا أعلم من خلال تواصلي أن هناك عمل جاد من قبل بعض السلطات المحلية العربية، ولكن في المقابل هناك من لا يعملون من هذه الناحية كما يجب، ومهم التنويه أنه يوجد مدة وبإمكان السلطات المحلية العمل على الكثير من الأمور ومنها التطعيمات، ورفع التوعية، وإعداد المدارس، وتجهيز الطواقم التربوية، والتحضير لكل السيناريوهات المتوقعة، لأن الكورونا على ما يبدو سترافقنا لمدة طويلة".
الفجوات التعليمية كبيرة
وتطرق حسّان إلى جانب الفجوات التعليميّة، حيث أوضح أن:" قضية الفجوات واسعة جدًا، حيث أن القضية الأكبر هي كيف من الممكن تعويض الطلبة، ومن المهم أن يكون خطط لتعويض الطلبة وخاصةً لمن هم في بداية المرحلة الإبتدائية، نحن نعلم أن الخطط المقترحة حاليًا لايمكن ان تسد الفجوات الموجودة، وبخصوص التعلم عن بعد فالفجوة هائلة وكبيرة، حيث أننا نتحدث عن سنوات طويلة من التمييز، صحيح أنه كان تقدم خلال السنتنين الاخيرتين ولكن هذا بفضل الجهود العربية التي قمنا بها، حيث تم تحويل 60 ألف حاسوب من خلال الضغوط الجماهيرية والقضائية التي قمنا بها، وذلك مُنّذ اللحظة الأولى من إنتشار وباء الكورونا بالإضافة إلى عمليات المسح التي قمنا بها، وفعلاً هذا أنعكس بشكل إيجابي على المجتمعالعربي، لكن هذه لا تسد الفجوات بشكل كامل".
كارثة تعليمية في النقب
وعن منطقة النقب، أعرب:"مناطق النقب تشهد كارثة تعليمية، إذ أنه في القرى غير المعترف بها هنالك عدد كبير من الطلبة لم يعودوا إلى مقاعد الدراسة حتى بعد عودة الطلبة، الى جانب ظاهرة التسرّب من المدارس، وهذا أمر مقلق جدًا، بحيث إننا لا نعلم الطالب الذي يتسرب من المدرسة سيكون في عالم آخر، ونحن نطالب بوضع خطط جدية أكثر للوصول إلى هؤلاء الطلبة وإنقاذهم، وخاصّة الطلبة في أولى المراحل الدراسية، بحيث تعد كل خسارة لهم كبيرة جدًا، لأن المراحل التعليمية الأولى هي الأساسية ويجب الإهتمام بها كما يجب".