ما الفرق بين الاب والابن؟ (قراءة في روية الابن لجورج سيمنون)| تقديم: ناجي ظاهر

ناجي ظاهر
نُشر: 01/01 13:49,  حُتلن: 07:32

هذه الرواية التي اتحدث عنها فيما يلي، هي واحدة من 450 رواية كتبها والفها الكاتب جورج سيمنون(1903-1989)، إضافة الى مائة الف قصص قصيرة، وسيرة ذاتية وقعت في عشرين كتابًا. لقد قُرئ سيمنون في العديد من لغات العالم، بما فيها لغتُنا العربية، واعتبر من اسرع الكتاب تأليفًا ومن اغزرهم انتاجًا. ومن طريف ما يُذكر عن سرعته في الكتابة (كان يكتب خمس روايات في الشهر احيانًا)، أن صديقه الفريد هتشكوك، مخرج افلام الرعب الشهير، سأل سكرتيرته ذات زيارة لمكتبه عنه فأجابته إنه دخل لتأليف رواية، فما كان منه إلا أن نظر إلى ساعته وقال انه بإمكاني ان انتظر.. وجلس ينتظره.
عرفتُ روايات سيمنون، وهو بلجيكي المولد، فرنسي القلم، امريكي المهجر، عالمي الوطن، منذ سنوات السبعينيات عندما قرأت عددًا من رواياته اذكر منها "الساحر"، وقرأت له فيما بعد عددًا وفيرًا من الروايات لعلّ اهمها " هذه المرأة لي"، التي تسببت في ترشيحه لجائزة نوبل الادبية، فأخطأته الجائزة، واكسبته الرواية محبة القراء في انحاء مختلفة من العالم".
رواية "الابن" تعتبر رسالة طويلة منذ بدايتها حتى نهايتها، يوجهها والد إلى ابنه، ويسرد عليه تاريخه العائلي، المتذبذب بين الفرح والحزن، ابتداءً من جدته وجده، اللذين تبدأ الرواية بتصوير رحيلهما واحدًا وراء الآخر، ثم تنتقل إلى الوالدين، وهناك صفحات رائعات في الرواية حول تعرّف كل منهما على الآخر، بعد إصابة الاب بنزلة رئوية وانتقاله لتلقي العلاج، منتقلًا من جبهة القتال، إلى المستشفى، وهناك يتحدث الاب، في رسالته الطويلة إلى ابنه، عن تعرفه على والدته وارتباطه بها.. بعد ان يقع في غلالة حبها.
الرواية تتحدث عن جيل الحرب، ذلك الجيل الذي شهد اهوالًا مرعبة، ويرصد التحولات التي عاشها الآباء، وتلك التي عاشها الابناء، ويتوقف عند معنى الابوة، مازجًا بينها في اطاريها العام والخاص:" انها قصة قديمة تتكرر كل جيل، الابناء يرقبون الآباء، كما كان هؤلاء يرقبون الاجداد، قرأت ذات مرة عبارة لاحد الكتاب: ان ابناءنا صورة منا وارواحنا تتحدث على السنتهم! " ثم يقول:" اظنه يؤمن بقضية تناسخ الارواح القديمة ويعتقد أن ارواحنا تنتقل في مدى مائة عام، من الاب إلى الابن.. إلى الحفيد، تؤثر فيهم إلى اعماق نفوسهم، يظل الحفيد يذكر ما يقوله الاب عن الجد ويراه بعين الخيال يتحرّك امام بصره حتى إذا ما صار الحفيد أبًا اندثرت ذكرى الجد اختفت بين طيات النسيان واصبح اسطورة قديمة بين الحكايات والاساطير، وهكذا تمضي الاجيال موجةً بعد موجة كأمواج البحر الذاهبة وتعطي تاليتها الصاعدة ما يجيء بعدها إلى آخر الزمان".
تكشف هذه الرواية عن الوجه البريء للطفولة واليفاعة، ذلك الوجه الذي يريد أن يعرف كل شيء وأن يكتشف كل شيء، وفي المقابل تكشف عن الوجه المختلف، بطبيعة الحال، للاب والام، وما يمكن أن يدور بين الطرفين من مشاعر واحاسيس متناقضة. والطريف في هذه الرواية أنها تركز على المشاعر والاحاسيس، مبتعدة عن الحبكة التقليدية، وتكتفي بسرد احداث تقدم الابوة في أطرف حالاتها واجلى معانيها.
ترجم الراوية إلى العربية بأسلوب رشيق الكاتب حسن محمد احمد، وصدرت ضمن سلسلة روايات عالمية، حاملة رقم 267، احدى السلاسل التي تصدر عن وزارة الثقافة والارشاد القومي- الدار القومية للطباعة والنشر في ارض الكنانة.. مصر العربية.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com 


تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة