لم أفاجأ من نقض إتفاق الصلحة بين معسكري مكابي الإخاء الناصرة وهبوعيل أم الفحم، بعد يوم واحد ووحيد من إجرائها، كيف لا ولم تعد القيادة، داخل الملعب وخارجه، قادرة على السيطرة على معظم المشجعين، والحديث ليس عن قلة.
سيمفونية المسبات والشتائم شاركت فيها الغالبية العظمى من المشجعين، وليس السؤال من نقض الإتفاق ومن بدأ في إطلاق المسبات والشتائم، إنما الحديث عن سوء تربية وعدم تقبل الآخر، حتى لو إختلفنا معه. ما ذنب الأمهات والأخوات الفحماويات والنصراويات الجالسات في بيوتهن، أو حتى في الملعب، لتطالهن أقذع الشتائم والمسبات المذلة، التي يندى لها الجبين، وكأنها تعبّر عن تربية مجتمعنا العربي.
بالرياضة نرتقي ونصل إلى أعلى المستويات، لكن لدينا لها مفهوم آخر ومنظور يصعب فهمه. جيد ما قامت به بلدية أم الفحم، حينما أصدرت بيانًا فور نهاية المباراة، إعتذرت فيه عن إتهام الجماهير الفحماوية للنصراويين بالعمالة والنذالة وتسليم الأسرى، كما أدانت شتائم النصراويين للفحماويين، ولكن كان يجب منع ذلك مسبقًا، بتوجيه ضربة إستباقية لجمهوري الطرفين قبل المباراة بكثير، فمن الواضح أن الصلحة لم تؤت بثمارها، ولن تنفع محاولات مشابهة. ومن خرج مستغربًا من قاموس المسبات والشتائم، فكأنه لا يعيش معنا وبيننا، وأتفهم أن الأمر إختلف هذه المرة، بإطلاق عبارات التخوين والعمالة والنذالة، لكن هكذا نحن لا نستغل الرياضة كرافعة لرفع أخلاقنا ومستوياتنا، إنما على العكي تمامًا، فهي فرصة لتفريغ أعصابنا وصبّ جام غضبنا على أبناء جلدتنا.
مسلسل الشتائم والمسبات، وربما الشجارات العنيفة بين المشجعين العرب، لم ينته بعد، وهنا الحديث ليس عن جميع المباريات، وأخشى أن يكون القادم أعظم، أعظم بكثير. تجدد الإشتباك اللفظي، بين الناصرة وأم الفحم سيتجدد بعد 15 مباراة، عند لقاء الإياب، ما لم يتم لجم الأمر، لئلا يمتد ذلك إلى أمور لا تحمد عقباها، تتخطى جميع الخطوط الحمراء، فنصبح في خبر كان، ولا نستفيق من سباتنا إلا بعد خراب مالطا، حتى لا يتعدى ذلك العنف الكلامي. هكذا هو حال مباريات عدة فرق عربية، أبرزها ما شهدناه بين الناصرة وسخنين، والآن يشهد فتورًا، لأن الفريقين لا يلعبان معًا في نفس الدرجة، والحمد لله. المسلسل، مسلسل العنف بجميع أشكاله، لم ينته، ولنا عودة، للأسف الشديد.