في العام 1974 وقف الراحل ياسر عرفات على منبر الأمم الأمم المتحدة وهو نفس المنبر الذي وقف عليه قبل أيام محمود عباس وألقى خطابه التوسلي. وقتها قال عرفات عبارته الشهيرة حول غصن الزيتون والبندقية، ممحذراً بكل قوة وبلهجة الواثق من نفسه، بأن على العالم "أن يختار أي طريق يريد لنا أن نسلك، لكن هذا الطريق مهما كان الخيار يجب أن يقود إلى نيل حقوقنا".
التاريخ يعيد نفسه مع الفارق في التعبير.فالرئيس الفلسطيني محمود عباس وقف على المنبر ذاته قبل أيام، ورفع بيده صكّ ملكية بيته في صفد، مذكّراً العالم بأننا أصحاب حق. نعم تحن أصحاب حق ونحن نعرف ذلك. لكن متى عرف عباس أنه صاحب حق؟ ألم يقل هو شخصياً انه لا يريد العودة إلى صفد مسقط رأسه؟ يعني بتفسير أكثر ينكر حتى على نفسه حق العودة، ثم يأتي الى الأمم المتحدة ويرفع بيده ورقة ملكية بيته؟ ما هذا يا أبا مازن؟ أنت تقول شيء وتفعل شيء آخر.
قبل يوم واحد من إلقاء عباس خطابه في الأمم المتحدة سارع بعض المتملقين المقربين جداً من الرئيس الفلسطيني في الحكم، إلى الإدلاء بتصريحات حول أهمية خطاب عباس المنتظر. وأول هؤلاء الذين يمارسون نهج "التدليس" للرئيس يدعى عزام الأحمد عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة "فتح" الذي أكد "أن الخطاب سيكون عبارة عن سلسلة متفجرة من المواقف، سيؤكد فيها الرئيس على نقطة هامة وهي إما الدولة وإلا فسنكون في حل من كل شيء".
أما نبيل أو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية فرأى أن واجبه "التملقي" إزاء عباس لا يسمح له بالسكوت، لا سيما أن عزام الأحمد سبقه في مدح الرئيس. ولذلك سارع إلى الإدلاء بتصريح على قياس الرئيس، قال فيه:" إن خطاب الرئيس محمود عباس المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سيحمل مؤشرات كثيرة خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وما يجري مع الاحتلال الإسرائيلي ومع المجتمع الدولي مرورا بالإدارة الأمريكية".
وقد لفت نظري ما قاله مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة رياض منصور،حول خطاب الرئيس. في الهيئة الدولية. فقد كان منصور أكثر تزلفاً للرئيس حيث قال: "إن خطاب الرئيس محمود عباس أبو مازن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيفتح الباب أمام حل القضية الفلسطينية التي طال أمدها، على قاعدة القرارات الدولية والقانون الدولي".
هناك مثل يقول يا مستر رياض " لو بدها تشتي كان غيمت" ولو أن إسرائيل مهتمة بقرارات الشرعية الدولية لقامت باتخاذ إجراءات إيجابية ولكن ما نراه هو العكس تماما، بمعنى أن الباب سيظل موصداً أمام أي حل وهذا ما أكده نفتالي بينيت نقسه.
من يتابع خطابات عباس في دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة، يلاحظ أن مضمون الخطابات يصب في نفس الاتجاه ولا جديد في الخطاب الحالي سوى اقتراحه إعطاء مهلة عام لإسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة للعام 1967 وفق ما ذكره الرئيس عباس. طيب وإذا لم تنسحب إسرائيل ماذا سيفعل سيادة الرئيس؟ حسب قوله سيذهب إلى محكمة العدل الدولية. "ما شاء الله عليك....خوفت إسرائيل كتير". كل حكومات إسرائيل السابقة والحالية لا يهمها هيئات أو محاكم دولية وتفعل ما تريد وأبو مازن يعرف ذلك.
في العام 2016 رفع الرئيس عباس شعار أن العام 2017، سيكون عام إنهاء الإحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وحسب رأي بعض المحللين السياسيين فقد بذلت القيادة الفلسطينية جهوداً دبلوماسية وقانونية وتقدمت بطلبات الإنضمام لعدد من المعاهدات والمواثيق الدولية من أجل تحقيق هدف إنهاء الاحتلال، ولم يتحقق أي شيء. وبالعكس من ذلك استمرت قيادة أبو مازن في الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل وفِي مقدمتها التنسيق والتعاون الأمني، ولم ينته الإحتلال.
في خطابه حذر عباس من أنّ "تقويض حل الدولتين، القائم على الشرعية الدولية، سيفتح الأبواب واسعة أمام بدائل أخرى سيفرضها علينا جميعاً الواقع القائم على الأرض". أنا شخصياً لم أفهم بالضبط ما يقصده أبو مازن. ما هي البدائل يا سيادة الرئيس وأنت الحلقة الأضعف في معادلة الصراع. عن أي واقع قادم تتحدث يا سيادة الرئيس وأنت مكبل باتفاقيات مع إسرائيل لا تجرؤ حتى على الانسحاب منها.
كونوا واقعيين وصريحين مع شعبكم بدلاً من أن تخدعوه، ألا يكفيه ظلمكم؟
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com