من نافلة القول ان حكومة بينيت – لبيد هي صورة أخرى لحكومة نتنياهو، ولن تُحدِث أي تغيير سياسي بخصوص المسألة الفلسطينية، وما خطاب بينيت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتغييبه القضية الفلسطينية وتركيزه على الخطر الإيراني المزعوم إلا تأكيد على ما أشرنا إليه أعلاه.
رئيس الحكومة بينيت أعلن صراحة أنه لن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وانه لا يعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة لهم، ولا بحقهم في تقرير المصير، وإنما ملتزم بتنفيذ "خارطة الطريق"، التي بدأ نتنياهو بتنفيذها، وتتمحور بموجب صفقة القرن والسلام الاقتصادي ومقايضة الاقتصاد بالأمن وتحسين ظروف معيشة الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية.
الوضع الفلسطيني لم يتغير، بل يزداد سوءًا وعلى فوهة بركان، وما تتعرض الأراضي الفلسطينية من استيطان وحواجز عسكرية تفصل بين مدنها وقراها ومحافظاتها، وأوضاع اقتصادية سيئة، وبطالة واسعة، ومن اعتقالات ومداهمات واعتداءات احتلالية متواصلة، علاوة على المواجهات بين الشباب الفلسطيني وقوات الاحتلال التي أدت إلى استشهاد عدد منهم في جنين والقدس ونابلس، والاقتحامات المتكررة لباحات المسجد الأقصى، وغياب أفق سياسي، كل ذلك هي أسباب ومقومات كافية لانفجار فلسطيني بوجه الاحتلال وقطعان مستوطنيه، وانطلاقة شرارة انتفاضة فلسطينية ثالثة، ولكن كي تنجح انتفاضة جديدة لا بد لها من ركائز هامة، اولًا موقف السلطة الفلسطينية من خيار انتفاضة ثالثة. فالسلطة تعيش أسوأ مراحلها، ولا تعرف ماذا تفعل وماذا تقول، وهي تميل وتسعى إلى الحفاظ على التهدئة، وتصريحات عباس الأخيرة ودعوته للتفاوض مجددًا، يعكس حجم التخبط الذي تعيشه القيادة السياسية الفلسطينية المتنفذة.
لا بد اولًا من التوافق الوطني من قبل القيادات والفصائل الوطنية والإسلامية على خيار الانتفاضة، وان توضع أهداف سياسية لها يتعهد الجميع على تحقيقها وعلى رأسها إنهاء الاحتلال، ومدى قدرة الفصائل في تحشيد الجماهير الفلسطينية، فالتعبئة الشعبية في الضفة الغربية تحتاج لقيادة قوية تؤهلها لقيادة الانتفاضة وتحمل اعبائها وتبعاتها، والسير بها نحو تحقيق أهدافها الوطنية المرتجاة. ولذلك وقبل كل شيء يجب استعادة اللحمة بين شطري الوطن والتوافق على استراتيجية وطنية موحدة تكون الانتفاضة الأداة الأبرز لانتزاع الحق الوطني المشروع من براثن الاحتلال.