المستوطنون هم بالفعل قطعان يعيثون خراباً في الأرض الفلسطينية، برعاية الجيش الإسرائيلي. حتى أن المسجد الأقصى لم يسلم من انتهاكاتهم له وتدنيسهم لباحاته. فالانتهاكات تتكرر بكثرة في الآونة الأخيرة للأقصى واقتحاماتهم له تجري بشكل مكثف وضمن مجموعات كبيرة جداً بحماية قوات الاحتلال.
جماعة ما يسمى "جبل البيت" أعلنت الثلاثاء الماضي، أنّ ما مجموعه 3597 مستوطناً شاركوا حتى يوم الاثنين، في اقتحامات المسجد الأقصى خلال ما يسمى بـ"عيد العرش"، ما يشكل ارتفاعاً كبيراً في أعداد المقتحمين مقارنة باقتحاماتهم العام الماضي. وكانت "دائرة الأوقاف الإسلامية" في القدس قد أحصت اقتحام أكثر من ألف مستوطن يوميا للمسجد الأقصى خلال الأيام الأخيرة لعيد "العُرش" اليهودي.
وتأتي هذه الاقتحامات في ذكرى الانتفاضة الثانية التي اندلعت في 28 سبتمبر/ أيلول عام 2000، في أعقاب اقتحام وزير الدفاع آنذاك أرئيل شارون ساحات المسجد الأقصى مع مجموعة من الجنود، الأمر الذي فجّر مواجهات عنيفة وتسبب باندلاع الانتفاضة الثانية.
خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري استنكر ما وصفه "بالتجاوزات الخطيرة والاعتداءات غير المسبوقة التي تحدث في المسجد الأقصى المبارك من قبل الاحتلال ومستوطنيه". وقال الشيخ عكرمة صبري إن "ما يحدث داخل المسجد الأقصى من رفع العلم الإسرائيلي وأداء صلوات تلمودية علنية ونفخ بالبوق تشكل تجاوزات خطيرة، واعتداءات غير مسبوقة نستنكرها ونرفضها بشدة."
ما يحدث في الأقصى له تداعيات خطيرة وأبرزها رغبة إسرائيل في السيطرة الكاملة على الأقصى لتغيير واقعه وحرمان المسلمين من الصلاة فيه وإتاحة الفرصة لقطعان المستوطنين لتدنيسه والعبث به. ولذلك طالب الشيخ عكرمة الدول العربية والإسلامية "بالتحرك رسميًا، سياسيًا ودبلوماسيًا وبشكل عاجل، للضغط على سلطات الاحتلال للتراجع عن ممارستها وإجراءاتها بحق الأقصى."
على الصعيد الفلسطيني الرسمي تحرك هذه المرة وزير خارجية السلطة الفلسطينية (خجلاً) وأرسل رسالتين إلى كل من أمين عام جامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين، بعدما قام المستوطنون برفع العلم الإسرائيلي داخل باحات المسجد الأقصى. وقال المالكي وفق بيان للخارجية، "إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل بشكل متعمد إضفاء المزيد من الطابع الديني على الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى المبارك تنفيذاً لأطماعها الاستعمارية التوسعية في القدس المحتلة.
وحث المالكي الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي التحرك على المستويات كافة لتوضيح وفضح المخاطر الحقيقية والجدية التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك، بما في ذلك حث الأطراف كافة على تحمل مسؤولياتها لتوفير الحماية للقدس ومواطنيها ومقدساتها عامة، وللمسجد الأقصى المبارك خاصة.
ولكن هل من يسمع نداءات ومطالبات الفلسطنيين؟ بالتأكيد لا. لأن الأطرش لا يسمع وهم في حقيقة الأمر طرشان في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وحتى لو سمعوا (لا سمح الله) فإن الكلام يدخل في أذن ويخرج فوراً من الثانية.
الأردن تحرك فوراً أمام هذه الاقتحامات للمسجد الأقصى. فقد قدم مذكرة احتجاج رسمية إلى إسرائيل مطالباً فيها بالكف عن انتهاكاتها واستفزازاتها في المسجد الأقصى المبارك. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية، هيثم أبو الفول، في المذكرة "إن الوزارة طالبت إسرائيل باحترام الوضع القائم التاريخي والقانوني واحترام حرمة المسجد وسلطة إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية".
وأفهم أبو الفول إسرائيل أن انتهاكات الأقصى مرفوضة ومدانة، وتمثل استفزازا لمشاعر المسلمين كما أوضح أن المسجد الأقصى والحرم القدسي بكامل مساحته البالغة 144 دونما مكان عبادة خالص للمسلمين"، وأعاد إلى أذهانهم بكل وضوح أن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة كافة شؤون الحرم وتنظيم الدخول والخروج منه".
إسرائيل تعرف ذلك، لكنها لا تحترم الاتفاقيات وتضرب بعرض الحائط كل ما التزمت به قانونياً. فمن يحاسبها؟ لا أحد. الأمم المتحدة تقف عاجزة أمام ممارسات إسرائيل فماذا بعد. توجد لجنة اسمها "لجنة لقدس" يرأسها العاهل المغربي محمد السادس المفروض أن تتابع كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالقدس، لكن محمد السادس لم يفعل أي شيء ويبدو أن الأمر لا يهمه. والجامعة العربية غير موجودة عملياً. وهذا يعني أن إسرائيل تتصرف كما تشاء و لا أحد يواجهها سوى أهل القدس والذين عندهم الشعور الوطني تجاه القدس والأقصى في الداخل الفلسطيني. وبالفعل صدق المثل :" ما حك حلدك مثل ظفرك".