ألقت الأحزاب التركية المعارضة باللوم على الرئيس رجب طيب أردوغان بعد التدهور الذي سجّلته الليرة التركية مقابل العملات الأجنبية مؤخرا، متهمين إياه بالتسبب في أزمة العملة بعد إقالته لعدد من المسؤولين في البنك المركزي فجر الخميس الماضي، ما أدى إلى مزيد من الخسائر في قيمة الليرة التركية التي فقدت بالفعل 19% من قيمتها أمام الدولار الأميركي منذ بداية العام الجاري فقط.
وفي هذا الصدد، أكد غورسل تكين النائب في البرلمان التركي عن حزب "الشعب الجمهوري" وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد أن "المسؤولين الذين أقالهم أردوغان لم يكونوا السبب في تفاقم أزمة العملة وبالتالي لن تحقق إقالتهم استقراراً في سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية".كما قال لـ"العربية.نت": "من أجل حلّ مشكلةِ العملة، يجب اتخاذ إجراءات جذرية، لكن الرئيس التركي يريد أن يتحكم في سعر الفائدة من جهة، ومن جهة أخرى يريد أن يضبط سعر صرف الليرة، ولذلك نشهد مزيداً من التدهور في قيمتها".
سياسة أردوغان
كذلك شدد على أن "أسباب تراجع قيمة الليرة التركية متعددة ومعظمها مرتبطة بالسياسات الحكومية منذ أن حوّل أردوغان نظام الحكم في البلاد من نظامٍ برلماني إلى آخرٍ رئاسي، فهو منذ ذلك الحين يتدخل بقرارات البنك المركزي، وأقال عدداً من رؤسائه لأسبابٍ سياسية، ونتيجة ذلك فقدت الأسواق الدولية الثقة بالبنك المركزي التركي وهو ما أدى لتدهور قيمة العملة الوطنية".
وتابع معتبرا أن "أردوغان يتجاهل ضرورة استقلالية البنك المركزي ويريد أن يقود البلاد لوحده، ولذلك تستمر أزمة العملة لاسيما مع التداعيات الاقتصادية التي فرضتها جائحة كورونا، ولهذا لا يمكن حلّ المشكلة دون وجود ديمقراطية فاعلة وإجراء إصلاحاتٍ ضخمة في الإدارة ومؤسسات الدولة، إلى جانب احترام سيادة القانون وتقديم سياسات اقتصادية سليمة، وهو ما نعمل عليه في حزب الشعب الجمهوري".
إحكام القبضة على البنك
من جهته، قال غسان إبراهيم المحلل السياسي المختص بالشؤون التركية إن "سبب خسارة الليرة التركية لقيمتها يعود إلى سياسة أردوغان بتخفيض سعر الفائدة وطالما أن سعر الفائدة منخفض، سوف تستمر الليرة في هذه الخسارة، لكن لديها القدرة على الارتفاع مجدداً وباعتقادي أن سعرها سوف يستقر لدى تسع ليرات مقابل الدولار الواحد".
كما أضاف قائلا لـ"العربية.نت" إن "أردوغان يهدف من خلال إقالة مسؤولين في البنك المركزي وخصوصاً القسم المختص بإدارة السياسة النقدية، إلى إحكام سيطرته على البنك، لتكون القرارات المتعلقة بتحديد سعر الفائدة قادمة من القصر الجمهوري مباشرة بدلاً من أن تصدر عن خبراء وتكنوقراط اقتصاد، وهذا سيؤدي الى مزيد من انخفاض في سعر الفائدة، وستنعكس في تخفيض سعر صرف الليرة".
نقمة أنصار أردوغان
وتابع: "لن يكون لهذه الإقالات بُعد سياسي على الصعيد الخارجي، لكنها ستضع أردوغان في مواجهة داخلية مع أنصاره، فكلما انخفضت قيمة الليرة سيزداد التضخم وترتفع السلع الاستهلاكية الرئيسية للمواطن، بينما ستُخفف من الأعباء الاقتصادية على الشركات المقرّبة من الرئيس التركي، ولذلك يبدو وكأنه يفكر بمصالح تلك الشركات التي تعمل بأموال البنوك بعد حصولها على قروضٍ مالية، خاصة وأن ارتفاع سعر الفائدة يزيد من أعباء تلك الشركات، فهي ترغب بالتصدير. وخسارة الليرة لقيمتها يجعل السلع التركية تنافسية في الأسواق الخارجية بشكلٍ نسبي".وكانت الجريدة الرسمية أعلنت فجر الخميس، أن الرئيس التركي عزل ثلاثة أعضاء في لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزي وعيّن عضوين جديدين مكانهما، مما هوى بالليرة إلى مستويات قياسية جديدة، لتسجّل 9.16 أمام الدولار الأميركي.
والمعزولون هم نائبا محافظ البنك المركزي، سميح تومان وأوجور نامق، وعضو لجنة السياسة النقدية عبدالله يافاش، وفق ما ورد في الجريدة الرسمية.
فيما عيّن أردوغان طه جاكماق نائباً لمحافظ البنك المركزي ويوسف تونا عضواً في لجنة السياسة النقدية.
وعقب هذا الإعلان، هبطت الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض جديد عند 9.1900 مقابل الدولار، لتصل خسائرها منذ بداية العام إلى 19% بفعل مخاوف متعلقة بالسياسة النقدية.