طويت صفحة الإنتخابات المحلية يوم الأربعاء الماضي في غالبية البلدات العربية، التي اختارت من يمثلها ويدير شؤونها في السنوات القادمة
سنحتاج جميعاً إلى تقييم جدي ومعمق لنتائج هذه الإنتخابات وأبعادها بالنسبة للمجتمع العربي، ربما ليس الآن بل بعد إنتخابات الكنيست التي تتوارى فيها الكثير من الظواهر الإجتماعية المعيقة لممارسة الخيارات الديمقراطية
والمراجعة تشمل دور وإنجازات التجمع في هذه الإنتخابات، وسيكون جريئاً في المراجعة كما كان دائماً ولكن لنسجّل ما ميّز دور التجمع في هذه الإنتخابات:
- الأمر الأول على الصعيد الوطني العام: لعب التجمع دوراً مبادراً وفاعلاً في إسقاط إدارات ورؤساء مرتبطون بالمؤسسة الإسرائيلية وأحزابها؛ منفذاً بذلك قرارات وتوجهات هيئاته المركزية المبدئية
ففي شفاعمرو لعب الدور الرئيسي وكان موقفه مبدئياً وواضحاً وجريئاً على خلاف الآخرين وهذا ينسجم مع خطه القومي والوطني والأخلاقي في التصدي للأحزاب الصهيونية في الوسط العربي ليس فقط أثناء الإنتخابات المحلية والبرلمانية بل كجزء من نضاله اليومي
- في الطيرة ساهم في تحقيق تحالف واسع في مدينة الطيرة لإسقاط الإدارة السابقة هناك وأصر على أن يشمل التحالف كل القوى الوطنية
- في رهط لم يخض التجمع الإنتخابات بصورة فاعلة لا للعضوية ولا للرئاسة ولكن أعضاء الفرع وقياداته، انخرطوا بصورة فاعلة في عملية التغيير ولم يضعوا خطاً أحمر على أية قوى سياسية وطنية من أجل المساهمة في إسقاط رجل حزب العمل وإدارته
هكذا، تحررت بلدية شفاعمرو وبلدية الطيرة وبلدية رهط من سيطرة الأحزاب الصهيونية التي شكلت وصمة عار لتلك البلدات ولعموم شعبنا
وهكذا يستطيع أعضاء وكوادر وعموم أنصار التيار القومي الوطني أن يفتخروا بحزبهم الذي كان مثابراً ومنهجياً في موقفه الوطني والأخلاقي
أما على الصعيد الإجتماعي – فقد كانت الحملة الإنتخابية مثقلة بتأثيرات الظواهر الإجتماعية التقليدية كالعائلية والطائفية التي جهد الحزب وقوائمه في التعامل معها بواقعية ونجح بصورة عامة ولكن تبقى المراجعة لهذا الجانب ضرورية حتى نستفيد منها في المستقبل
ومن أهم هذه الإنجازات في هذا المضمار، هو وصول فروع التجمع في المواقع التي خاضت فيها الإنتخابات إلى شرائح وأوساط إجتماعية جديدة مما زاد من إتساع قواعد التجمع
هذا بطبيعة الحال ينطبق سواءً على البلدات التي حققنا فيها تمثيل أو على بعضها التي لم يُحقق فيها تمثيل (والتي أيضاً ضاعفنا فيها عدد الأصوات عن المرة السابقة)
التجمع لم يخض إنتخابات البلدية في جميع البلدات، فهو يتخذ الحيطة ويسعى دائماً إلى التقيّد بمعايير أخلاقية في الإنتخابات البلدية
فلذلك هو يرتكب أخطاء أقل ويراكم تجاربه البلدية بالتدريج
وبهذه الطريقة نجح هذه المرة في مضاعفة تمثيله في السلطات البلدية
وبذلك يكون قد سدد ضربة أخرى لمحاولات المؤسسة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية وأعوانها العرب في إضعاف التجمع عبر المؤامرات والملاحقات المخابراتية ضد قائد الحزب وكوادره
لم تردع هذه الملاحقات تلك الشرائح الإجتماعية التي تحدثنا عنها عن التحالف مع التجمع في عملية التغيير البلدي
بل لقد اكتشف بعضها التجمع من جديد وأعاد اكتشاف دوره الوطني والإجتماعي
وسيتعين علينا العمل على المحافظة على هذه التحالفات وتطويرها وتطوير ثقاتها لتترسخ في قواعد الحركة الوطنية
الآن نحن كعرب في الداخل في أوج معركة سياسية كبيرة، هي إنتخابات الكنيست، التي يختار فيها العرب ممثلوهم لمقارعة الصهيونية وأيديولوجيتها وإسماع صوتهم
وبالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي الذي كان حسم موقفه باتجاه المشاركة في إنتخابات الكنيست منذ تأسيسه، هي معركة سياسية هامة، يُعيد فيها طرح تصوراته وخطابه السياسي والأخلاقي الذي أصبح السائد بين فلسطينيين الـ 48
وهذه المعركة السياسية هامة وخطيرة أيضاً لأن المؤسسة الصهيونية وأحزابها، لا تزال، هي وأعوانها، تبحث عن طرق غير مكلفة لإزالة هذا الحزب عن الساحة السياسية
ففي انتخابات 2003 أخفقت محاولاتها المعادية، والآن تعيد الكرة، عبر حزب كاديما الذي قدم أحد أعضائها طلباً إلى المستشار القضائي للحكومة لشطب قائمة الحزب
ستحاول المؤسسة إظهار الحزب على أنه حزب متطرف ويؤيد الإرهاب، في محاولة إما لإخافة الناس وإبعاده عنه، أو لتمهيد الأرضية لشطبه
إن الإلتفاف الشعبيا لكبير الذي تجلى عام 2003، والذي أسقط المحاولة المعادية سيسقط المحاولة الجديدة، وسيبقى حزب التجمع هذا التيار الوطني- القومي منارة في سماء الوطن وبوصلة أخلاقية لعموم شعبنا ولأجياله الشابة
وإزاء ذلك كله، المطلوب من الحركة الوطنية؛ كوادرها، أنصارها، محبوها الإستنفار الكامل لإسقاط مؤامرة السلطة وأعوانها والحاقدون الذين يلتقون مع أهدافها، حفاظاً على مشروع العرب القومي الثقافي؛ على مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة