قاسمان مشتركان يجمعان بين أحمد طيبي ومنصور عباس وهما: الطب والسياسة. لكن الأول طبيب نسائي. والثاني طبيب أسنان، والخبرة في أي مهنة تلعب دوراً مهماً في حياة صاحبها، فما بالك إذا كان هذا الإنسان يتخذ السياسة مهنة له، ولذلك تكون الخبرة في هذا المجال أكثر تأثيراً على المجتمع.
منصور عباس "صارلو في القصر من مبارح العصر" في عالم السياسة قياساً بزميله الطيبي. فعندما بدأ الطيبي العمل السياسي الجدي مع الكبار، أي عندما اختاره الرئيس الراحل ياسر عرفات مستشاراً سياسياً له في العام 1993 لشؤون فلسطينيي ألـ48، كان منصور عباس قي "عز" طيشه الشبابي وكان "يتعمشق" درجات السلم السياسي ليفهم المقروء من المفردات السياسية. ولا أدري ما الذي بقي عالقاً في ذهنه من السياسة التي تعلمها من بعض "مدرسيه" في الحركة الإسلامية الجنوبية.
ولذلك، فإن المقارنة ين الطيبي وعباس سياسياً (من ناحية منطقية) لا تليق برئيس الحركة العربية للتغيير. يعني"شو جاب لجاب." لأن أحمد طيبي موجود في الكنيست منذ العام 1999 بينما انتخب عباس نائبا في الكنيست لاول مرة في انتخابات ابريل/نيسان 2019، يعني أن الطيبي بتقدم على عباس بفارق 20 عاماً.
وهناك نقاط خلاق بين مواقف الطيبي وعباس حتى لو أنهم ذات يوم كانا في قائمة واحدة. فالطيبي، على سبيل المثال، يطالب بتغيير إسرائيل من دولة يهودية إلى "دولة كل قومياتها" وأن إسرائيل هي "دولة ديمقراطية تجاه اليهود ويهودية تجاه العرب". أما عباس فيرى إسرائيل أنها "دولة اليهود شئنا أم أبينا" حسب قوله.
وليس من المستغرب إذاً، وجود تنافر بين الإثنين وعدم وجود نقاط تلاقي. ومقطع الفيديو الذي بثته قناة الكنيست مساء أمس الأربعاء، والذي يظهر النائبين منصور عباس واحمد الطيبي وهما في قاعة الكنيست ولا يسلّم أو يتكلم أحدهما مع الآخر، هو أمر طبيعي بين القائمة العربية الموحدة والقائمة المشتركة، ومن الطبيعي أن يظهر "الزعل" على وجه عباس لسببين: أولهما أن الكنيست صادقت على اقتراح الطيبي اقامة لجنة تحقيق برلمانية بشأن نقل، دمج وتوظيف المعلمات والمعلمين العرب في جهاز التربية والتعليم بغالبية 47 صوتًا لصالحه مقابل 46 صوتًا ضدّه، وثانيهما بقاء مازن غنايم بعيداً عن التصويت ولم يصوت ضد القرار مثل غيره من أعضاء "الموحدة" الأمر الذي أزعج عباس.
وهناك موضوع اجتماعي إنساني آخر صوتت الموحدة ضده (باستثناء مازن غنايم) وهو الإقتراح الذي تقدم به الطيبي أيضاً بشأن مخصصات التأمين الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة (المقعدين). وقد حدثت مناقشة حادة بين النائبين منصور عباس، وأحمد الطيبي الذي انتقد عباس لعدم تصويته لصالح القانون، مما دقع عباس إلى تجاوز كل حدود اللياقة والأدب وخاطب الطيبي بالقول:"كفى تمثيلا ومسرحيات.. دشرك من المسرحيات أبو كامل". ليرد عليه أحمد الطيبي:"عيب عليك هذا الكلام.. عيب أن تصف اقتراح قانون للمقعدين بأنه مسرحية.. هل كنت تمثّل حين كنت في القائمة المشتركة وتصوّت معها؟"
تعالوا نتصارح ونضع النقاط على الحروف لنعرف من هو الممثل المسرحي المحترف: أحمد طيبي قدم اقتراحاً لزيادة مخصصات أصحاب الإعاقة، علماً بأن 24% من العائلات في المجتمع العربي يعيش معهم شخص يملك اعاقة، فهل تقديم اقتراح إنساني هو تمثيل؟ وهل المطالبة ببناء مستشفى في سخنين هو تمثيل، خصوصاً ان عباس يقول دائماً أنه تفعل كل شيء من أجل خدمة المواطن العربي. فهل المستشفى في سخنين لا يخدم المواطن العربي حتى تصوت الموحدة ضد اقتراح بنائه، باستثناء مازن غنايم؟
التمثيل المسرحي يا شيخ منصور هو من يكون في وفد نواب عرب ويترك الوفد فجأة وخلسة "وينط" عند رئيس بلدية اللد اليميني العنصري يائير رفيفو. الممثل المسرح يا شيخ عباس هو من يرفض زيارة مقبرة إسلامية "ويركض" ليرى ما يحتاجه "كنيس" لأعمال ترميم وتصليح. هذا هو التمثيل النفاقي. لكن الدور الذي أتقنه عباس في "التمثيل" هو نصويته ضد قانون لم شمل عائلات فلسطينية.
في الحقيقة أن منصور عباس أظهر من خلال سلوكه السياسي إزاء نتنياهو وبينيت ولابيد، أنه ممثل مسرحي محترف، وأن النائب الطيبي هو "الناقد الساخر" لكل مسرحيات عباس والموحدة ، بينما اختار مازن غنايم التغريد خارج سرب الموحدة في قضايا المستشفى والمعاقين والمعلمين.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com