نعم. كانت الارض والجغرافيا هي الحلقة الاولى تتبعها حلقات لارساء مشروع الشرق الاوسط والتي كانت فلسطين هي جوهر احداث التغيير في المنطقة وبجغرافيات ثبتتها وقسمتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الاولى لتليها الحلقة الثانية لارساء المشروع الصهيوني والدولة اليهودية بعد الحرب العالمية الثانية، وما زالت الحلقات تتابع وتتوالى لاستكمال المشروع الصهيوني ليس في الجغرافيا الفلسطينية فقط بل العربي ببعده الامني والاقتصادي والتقسيمي والرجوع بالمنطقة الى حروب اهلية مذهبية وعشائرية وقبلية، واختفاء المفهوم القومي والوطني للمنطقة، حلقات تتوازى بالمتشاباهات من منطقة لاخرى.
المشروع الغربي الصهيوني في المنطقة لم يتوقف فالتغيير الجغرافي في الجيوسياسة لا يكتمل ولا يؤتي بثماره بدون احداث تغيير في ثقافة الشعوب وعاداتها وتقاليدها ورغباتها واهوائها. ونرى الان اصوات منخفضة بل نادرة تتحدث او تحرض لايقاظ الضمير القومي لدى شعوب المنطقة التي تتوحد في اللغو والقادات والتقاليد وتقريبا في الديانة.
المعركة الان على الارض ماحملت من بشر وثروات وعقول وتدمير كل مفاهيم التاريخ والتجربة سواء بالمنظور الشمولي للامة او بالمنظور الاقليمي لجغرافيا المنطقة.
اذا لايمكن ان يثمر احتلال الارض الفلسطينية الا اذا تحقق الاتي :
1- تدمير الثقافة الفلسطينية المرتبطة ارتباط وثيق باخلاق العمق العربي.
2- استبدال ثقافة القومية بثقافات اقليمية محلية تغلب عليها النزعات النرجسية الحاقدة فيما بينها وبين من حولها في حدود سياسية مفروضة وفرضت سابقا. وهذا يسهل تجزئة المجزء والمقسم.
3- احداث انهيارات اقتصادية ودول فاشلة في المنطقة كما يحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا قد يلحق بها مناطق اخرى في المنطقة.
4- خلق قوى اقليمية تقوم بدور وظيفي يحمي تلقائيا ووظيفيا المشروع الصهيوني والغربي.
5- تدمير ثقافة المواطنة المرتبطة بالتاريخ المشترك للشعب العربي.
6- تكريس مفهوم الارهاب بدون تشخيص واضح لهذا المصطلح الذي يفصل بين قضايا الحريات والحقوق والسيادة وبين ارهاب الاحتلال والاستعمار ونهب الثروات.
7- كسر ارادة الشعوب امام الحاجة التي قد تشبه بشكل او باخر صكوك الغفران ومن هنا نلاحظ انهيار العملات في كثير من دول المنطقة امام العملى النقدية لدول الغرب مثل الدولار والاسترليني واليورو وزيادة كبيرة في نسبة التضخم والفقر والبطالة لدول قد تكون ذات رصيد كبير من الثروات ومواد الطاقة والمعادن، مما يدعو للدهشة وواقع لشعوب لا تملك العيش الكريم بثرواتها. قد نشهد تدهور الليرة اللبنانية والسودانية والعراقية والسورية واليمنية والليبية. لمؤشرات تجهيز باقي مربعات خشبة المسرح لاشراك الدولة اليهودية في مسرح الاقتصاد والخبرات والتقنيات مع دول المنطقة.
قلب هذا المشروع المتكامل والمتناغم مع بعضه البعض والذي لم يحقق نتائجه بالحروب والتفوق العسكري فالحروب لا تهزم ثقافة الشعوب الا اذا تم غزوها واختراقها من الداخل من خلال نخب وقيادات محلية ترسي ثقافات مغايرة وثقافة القبول للاخر ولواقع مفروض كما يدعون.
تطبيقات على الشعب الفلسطيني:
كما قلت سابقا هم يعتقدون انهم حسموا قضية الجغرافيا وبالتحديد الجغرافيا الفلسطينية بواقع ما يسمى اسرائيل وسيطرتها على كل ارض فلسطين بصرف النظر عن واقع سلطة مرتبطة ارتباط وثيق بالنظام السياسي او الامني الاسرائيلي وفرض واقع حصار مشدد على غزة قد تكون الاهداف السيكولوجية المطبقة على كل من الضفة وغزة وان اختلفت في تطوراتها وبنودها فهي تستهدف العقلية الفلسطينية والثقافة الفلسطينية والمؤثرات السيكلوجية نتيجة عنف الاحتلال من ناحية وحالات الفقر والبطالة والمرض التي تتعرض لها غزة ومقايضة الامن مقابل رغيف الخبز مما يؤثر تاثيرا سيكولوجيا مهما، حيث يشكل في حالة التشخيص العلمي بامراض نفسية لا تصيب فقط الفقراء بل اعدمت ايضا الطبقة المتوسطة في الشعب مما يسهل كل التطبيقات التي فرضت كاحلال مجتمع ثقافي اسرائيلي صهيوني بدلا من التاريخ والثقافة للانسان الفلسطيني على الارض، مما يسهل عملية الترحيل الارادي تحت ضغط المعيشة ، اما الضفة الغربية فقد تختلف سيناريوهات الفيروسات السيكولوجية الى حروب العشائر والبحث عن ملجئ للعمل ضمن ثقافة المجتمع الاسرائيلي وفي داخله ومن هنا تعتبر المعركة على العقلية الفلسطينية اهم بكثير من الجغرافيات التي يجب ان نتنبه لها في واقع فشل ما يسمى النظام السياسي في الحفاظ على الثقافة الفلسطينية التي ترتبط بالوطن وبمصالح المواطنة على الارض الفلسطينية.
اما الواقع العربي فحدث عنه كما تريد، ولقد ذكرته في فقرة المقال الاولى، ودمتم بخير وصحة وسلامة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com