المشهد الفلسطيني الحالي: مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى ويعربدون في ساحاته بدعم من الشرطة الإسرائيلية التابعة لوزيرة الداخلية آيلان شاكيد شريكة منصور عباس في الائتلاف الحكومي، وهو أي عباس لا ينطق بأي كلمة، وكأن الأقصى لا يعنيه وموافق على ما يحصل فيه. ولو كان الأمر غير ذلك لتدخل وأصدر بياناً متواضعاً كـ "رفع عتب" على الأقل. طبعاً هذا الأمر ينطبق على أعضاء الكنيست العرب الآخرين المشاركين في ائتلاف الحكومة برئاسة اليميني العنصري بينيت وأعني عرب الإئتلاف "الجيدون" من ميرتس والعمل وأيضاً رفاق الشيخ منصور عباس.
أما المشهد الثاني الذي رأيناه في مسرح الكنيست، فهو تمرير ثلاثة قوانين عسكرية خطيرة تضرّ بالأسرى الفلسطينيين والمعتقلين السياسيين في سجون دولة (قانون القومية)، والتي وافق عليها "عرب الائتلاف". أحد هذه القوانين يستهدف تضييق الخناق على الأسرى السياسيين الفلسطينيين من خلال تقوية سلطة السجون بالجنود، وقد تم تمرير القانون بأغلبية 60 عضوًا مقابل 59، اذ دعمه من بني يعرب في الكنيست نواب القائمة العربية الموحدة بدون استثناء: منصور عباس، وليد طه، مازن غنايم، ايمان خطيب ياسين. ما شاء الله عليهم، ومن ميرتس غيداء ريناوي وأعضاء عن حزب العمل.
والقانون الثاني يسمح للجيش بإرسال وحدات منه لدعم الشرطة وقوات الأمن من أجل ما تسمّيه "أهداف أمنية قومية". بينما القانون الثالث والأخطر فيتيح للشرطة والجيش اقتحام البيوت وتفتيشها بدون أمر من المحكمة. وهذه قوانين لاقت في السابق معارضة شديدة من النواب العرب وغيرهم لما فيها من تعسّف وعنصرية ومس وخرق لحقوق أساسية، لكنها مرت يوم الإثنين الماضي بقضل أصوات "الموحّدة" ونواب "ميرتس" و"العمل" العرب.
مشهد آخر من مشاهد مسرحيات الكنيست: "ضابط الكنيست يأمر بتأمين حراسة مشددة لعضو الكنيست منصور عباس" . شو السيرة ليش؟ على ذمة القناة الاسرائيلية N12 فإن الضابط المسؤول عن أمن الكنيست أصدر اوامره بتأمين الحراسة المشددة لرئيس القائمة الموحدة منصور عباس، بعد ان قال النائب عباس أمام المقربين منه بعد الهتافات ضده في مظاهرات اليمين انهم "يستبيحون دمي، اخشى على حياتي". الغريب في الموضوع أن عباس نقسه ورغم خوفه على حياته أي خوفه من تعرضه للقتل، لم يتقدم هو شخصياً بطلب الحراسة الشخصية وأنه حسب القناة الإسرائيلية لم يقم باية خطوة ولم يتوجه للمسؤولين الرسميين للحصول على الحراسة، بل أن مسؤولين في حزبه توجهوا الى السكرتير العام للحكومة شالوم شلومو، وطلبوا منه التوجه الى جهاز الامن العام- الشاباك لمعرفة مستوى التهديدات التي يواجهها منصور عباس، وان كان من الممكن توفير الحراسة له.
منصور عباس يقول أنه مهدد لأنه سمع هتافات ضده في مظاهرات قام بها اليمين. على افتراض أن كلام عباس صحيحاً. فلماذا لم يتقدم هو شخصيا بطلب الحماية؟ نقطة أخرى وهي الأهم: لماذا يهدد اليمين منصور عباس؟ بمعنى ماذا فعل ضدهم حتى يتم تهديده؟
لو راجعنا ممارسات عباس السياسية في الكنيست فلا نجد أي عمل لعباس يضايق اليمين. فهو على سبيل المثال لم يواجه عصابات المستوطنين في الأقصى، وهو الذي أعطى الحق لإسرائيل في سن قانون القومية، وهو الذي عارض قانون لم شمل عائلات فلسطينية وهو الذي ذهب "مثل الريح" للقاء رئيس بلدية اللد اليميني المتطرف يائير رفيفي واقترح المساهمة في ترميم كنيس هناك، وهو الذي ظل ساكتاً بل وموافقاً على صلاة اليهود في الأقصى، فلماذا يهددونه؟
عندما كان عضو الكنيست عزمي بشارة "ع طهور خيلها" في إسرائيل أي في فترة عضويته للكنيست، أخبرني أحد مستشاري الراحل الرئيس عرفات، بأن بشارة ذهب عند الرئيس وطلب منه المساعدة في توفير سيارة مصفحة له كونه مهدداً. فأجابه الراحل عرفات ساخراً من طلبه:" يا عزمي أنا ما عندي سيارة مصفحة ولِاّ أنا مش مهدد برأيك؟" وأفهمه بأن كل الشعب الفلسطيني مهدد.
وأنا أقول لـ" مناصر حكومة بينيت" منصورهم عباس ان غيره من أعضاء الكنيست العرب يواجهون تهديدات من زعران اليمين وكذلك المجتمع العربي كله، وهو ليس حالة استثنائية. كفى تمثيلاً وكذباً.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com