الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 06:01

اهتموا بالبطون وتركوا العقول.. عندما تصبح الشاورما أهم من الكتاب/ بقلم: أحمد حازم

الإعلامي أحمد حازم
نُشر: 31/12/21 12:44,  حُتلن: 15:41

بحكم عملي الصحفي وتجربتي الطويلة في الإعلام بفروعه الثلاثة (صحف ومجلات، إذاعة وتلفزيون) ثم دخلت صحافة الإنترنت التي غيّرت الكثير من مفاهيم الصحافة، كوّنت قاعدة عريضة متينة من الأصدقاء الإعلاميين في العالم لا سيّما العالم العربي بحيث أصبح لي اصدقاء من الوسط الإعلامي في كل عاصمة عربية، أتبادل معهم الآراء والأفكار بمواضيع مختلفة، ولا زلنا على هذه الحالة حتى اليوم. صحيح أن البعض منهم قد غادر الدنيا إلى جوار ربه، لكن هناك العديد منهم الذين يتصلون بي دائمًا وأنا أتصل بهم ولا سيما من القاهرة وعمان وبيروت، التي تربطني بصحفيين وطنيين فيها علاقات ودّ قوية.


الصديق المصري الراحل الدكتور مصطفى هيكل، أحد كبار الكتاب والإعلاميين المصريين الذين كانوا على خلاف مع عبد الناصر حيث فر إلى باريس وبعدها إلى برلين، كان يقول لي دائمًا: “يا بني أبو حميد تعامل مع الكتاب مثلما تتعامل مع طفلك”. يعني كان يطلب مني دائمًا أن لا أهمل الكتاب بمعنى أن أواظب على القراءة. الدكتور مصطفى هيكل الذي كان على خلاف دائم مع ابن عمه الراحل محمد حسنين هيكل بسبب التباين في مواقفهما السياسية لأن الأول كان ناقدا لسياسة عبد الناصر والثاني كان المدافع رقم واحد عنها خصوصا أنه كان يتولى منصبين رئيسيين في عهد عبد الناصر: أولهما رئيس تحرير صحيفة الأهرام أكبر صحيفة في العالم العربي، وثانيهما منصب وزير الإعلام في عهد الناصرية.
الارتباط الوثيق بين الكتاب وبين الدكتور مصطفى هيكل لا ينعكس فقط في عشرات الكتب التي قدّمها للقراء العرب، بل في مكتبته البيتية، حيث خصص غرفة كبيرة من غرف منزله للكتب التي يملكها، والتي تجاوز عددها الثلاثة آلاف كتاب. سألته ذات مرة وأنا في ضيافته: قل لي يا دكتور هل قرأت كل هذه الكتب؟ فنظر إلي نظرة استغراب وكأن سؤالي لم يعجبه قائلًا: “اسمع يا إبني: كل كتاب يدخل إلى المكتبة يجب أن أقرأه أولًا وبعدها أضعه في مكانه المناسب. لكن الدكتور اعترف لي من جهة ثانية بأنه مقصر، وكان عليه أن يكون أكثر قراءة للكتب.
ما دفعني للكتابة حول مكتبة الدكتور هيكل وعلاقته بالكتاب، أزمة القراءة التي يمرّ بها العالم العربي. ففي الوقت الذي ازدهرت فيه صناعة نشر الكتب في سنوات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حيث كان الكتاب يحتل مركزًا مرموقا في المجتمعات العربية بدليل كثرة معارض الكتاب المنوعة، فإن هذا الحدث لم تعد له أهمية مثل الماضي.
أتذكر مقولة كان يرددها الناس في الوطن العربي بشكل دائم: “القاهرة تكتب، وبيروت تطبع وتنشر وبقية الدول تقرأ”، والآن تغيرت الصورة كليا ولم تعد مثل الماضي. فلا القاهرة تكتب اليوم كما كانت ولا بيروت تطبع وتنشر مثل سابق عهدها، لأن الكتاب كان له في السابق مكانة مميزة والقراءة كانت كبيرة في العالم العربي. لكن بعد أن بدأت شمس المقولة تغيب تدريجيًا، أصبحت القراءة تنحسر.
حجم كارثة عدم القراءة مخيف جدًا. فالمعلومات المتوفرة تقول: إن المواطن الأوروبي يقرأ 35 كتابا سنويا، وفي العالم العربي فإن 21 ألف فرد يقرأون كتابا واحدا سنويا، فبالله عليكم هل نحن أمة نقرأ، أم أمة لا تقرأ. حتى عندما تجد مجموعات تقبل على الكتاب فإنها بالتالي وللأسف مجموعات تهتم بكتب الطبخ والأبراج وكأن العالم العربي يعاني من جوع مزمن. فهناك الملايين من كتب الطبخ والأبراج التي تباع سنويا في البلاد العربية. فتصوروا إلى أي منحدر وصلت ثقافتنا العربية.
وقد قرأت خبرًا قبل فترة يقول: إن عدد الكتب التي بيعت في أحد معارض الكتب في الخليج لم يتجاوز عُشر (بضم العين) عدد سندويشات الشاورما والهامبرغر التي بيعت في اكشاك المعرض. فهل أصبحنا أمة تأكل بدلًا من أمة تقرأ؟
سألت ثلاثة شباب كل على حدة،عن آخر كتاب قرأوه بعد أن أنهوا الثاني عشر . فأجابوا بالنفي لم يقرأوا أي كتاب. وعدت وطرحت عليهم سؤالاً آخر: ومتى كانت ىخر مرة اكلتم فيها شاورما. وهنا صاحوا بصوت واحد : كل يوم. فتباً على شباب يقضلون الشاورما على الكتاب.
سنة جديدة سعيدة وكل عام وانتم بألف خير وكل عام ونحن نقرأ وليس فقط نأكل.
 

مقالات متعلقة

.