رواية"زرعين"للأديب الفلسطيني الدكتور صافي صافي التي صدرت عام2021،عن دار الشّروق في رام الله،وتقع الرّواية في156صفحة من القطع المتوسط.
ما زال الرّوائي الفلسطيني يتنفس ذاكرته الحزينة،وينبش أوراق النكبة والنكسة،وفي رواية "زرعين"للأديب الدكتور صافي صافي التي جاءت بضمير الأنا وأشبه بأدب الرّحلات، نتنفس رئتي المكان والذاكرة بإمتياز من خلال مسار الرّاوي في قرية زرعين المهجرة برفقة مجموعة من الأصدقاء،كما تبرز صورة الحنين من خلال علاقة حنان بالرّاوي التي تحثه على مواصلة البحث عن بيت عائلتها وجدّها في بيسان.
لقد أحسن الأديب في تصوير المكان من خلال الرّاوي،وفي شدّ حواسنا لمتابعة كلّ حركة للشخصيات ما بين الصعود والهبوط والانحدار والتزحلق،ووصف الصعوبات التي واجهتهم في المسار إلى أن استنجدوا بالشرطة،كان الوصف دقيقا،في قمّة التّلة،على رأس التّلة،قمة الجبل،على طرف التّلة،وأيضا يستوقفنا الرّاوي في إبرازه للأعشاب والأزهار في الجبل وعلاقة الفلسطيني المتينة بها،ومعرفته بأسمائها،ويشدّ حواسنا نحو الطبيعة حيث الطيور والصقور والصخور،ولا يبرح الرّاوي في وصف المكان إذ ينتقل إلى وصف المقامات والتعريف بوصف قرية زرعين المهجرة،وتختفي ملامح جسد بيسان بين المدينة الحديثة.
وينتقل المكان من الثبات(الجبل) إلى المتنقل حيث الحافلة ووصف حركة الشخصيات،قعود وجلوس وصوت.
وأيضا كان المكان يتنقل في ذاكرة حنان التي تصف بيت جدّها والصورة المعلقة في بيسان،وفي الحوار الجاري بينها وبين الرّاوي،أرادت حنان أن تنقل المكان من خلال ظلال الصورة خارج بيسان حيث تسكن،لتنقلها إلى ذاكرة الأجيال القادمة،وتؤكد هويتها.
جاءت شخصية حنان الفلسطينية التي تعيش في دول الخليج لتعبر عن صورة الفلسطيني الذي هجر أهله من بلاده ويرفض النسيان وتقبل الواقع الظالم،لذا حنان ترمز إلى صمود الفلسطيني وحنينه وثباته في حق العودة،وإلى أنّ لا شيء يشبه العيش في الوطن، وإلى شغف رضاعة الأجيال المختلفة حليب الحنين من ثدي الوطن،فحنان كما يقول الرّاوي"حنان مريضة،هو نفس مرض أهلها،يعيشون على أحلام مدينتهم وظلالها".
ظهرت عدّة تساؤلات من خلال الحوار الذاتي للرّاوي وبين بعض الشخصيات كصراع حول من المسؤول عن الهزيمة والنكبة،وأسئلة حول الحلال والحرام في قضية حرق جثة المسلم من أجل نقل الرفات للوطن،وتساؤلات حول بقاء بعض آثار القرى،والهدف منها،وقد شعرت بقشعريرة عند قراءتي خبر حرق الجثة ووضعها في وعاء بلاستيكي،وقد ظهر التبرير لذلك في الرّواية ،إلاّ أنني أجد في ذلك إساءة لكرامة الإنسان عامة،وهنا يكون الجدل هل علينا تحقيق كل ما يوصى به من قبل المتوفى ونكسر كل الإشارات الممنوعة؟
عندما أتممت قراءة الرواية وجدت نفسي في حالة خيبة لأن توقعاتي كانت أن يتوصل الرّاوي إلى بيت عائلة حنان فيصور لنا المكان، هي توقعات قارئة كانت مليئة بالشغف والحنين للمكان،ربما هو تعاطف القارئ أيضا مع حنان وحنينها لبيسان.وهنا أتساءل هل القارئ على موعد مع رواية قادمة في البحث عن بيت وذاكرة في بيسان؟
لقد استخدم الكاتب تقنية التواصل الإجتماعي "الفيس بوك" من أجل التواصل مع حنان.
وأظهر الكاتب مدى تعلّق الفلسطيني بأرضه وتراثه وذلك
من خلال الغناء في الحافلة "جفرا ويا هالربع"و"يا ظريف الطول".كما وبيّن الوجع والقهر الذي يعانيه الفلسطيني من خلال سلب أرضه وتحويلها لحدائق ومتاحف.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com