كتاب "الرّغيف الأسود" قصص الطفولة المنسية،للكاتب المغربي حسن المصلوحي،عن دار مؤسسة مقاربات والصناعات الثقافية-المغرب،2020في 117صفحة.
"الرغيف الأسود"هو كتاب مذكرات بطعم الألم والقهر،والمعاناة،هو رغيف يبوح بالجراح،والأسى،ينبش ذاكرة الماضي،ووجه الطفولة البائسة في ظلّ بئر الحرمان والفقر في إحدى المناطق في المغرب الذين يسكنون في ما يعرف بالبرّاكة أي بيوت مصنوعة من القصدير.
"الرغيف الأسود" هو آهات لقمة العيش والحياة المريرة،يسردها الكاتب المغربي حسن المصلوحي بضمير الأنا بلغة جميلة شفافة وشاعرية،وبسرد قصصي،مزينة بالتشابيه الجميلة والاستعارات،تتميز هذه المذكرات بالوصف الدقيق والإسهاب،فيصف مكان وبيئة أهل البراريك،مبنى البيوت،الدوار،الأزقة وصور الفقر المختلفة،يصف الكاتب حالةطفولته البائسة والأطفال والصبية،ورفاقه،عائلته،مدرسته مشاكساته،يصف صور الحرمان من المستلزمات الرئيسية من الملابس كالحذاء واستعارة أحد الأحذية من أجل الذهاب للمباراة،أو الذهاب أحيانا حفاة على سبيل المثال لا الحصر،كما يصف صور القهر للطفولة،وعملهم الشاق في الحقول أيام العطل الصيفيةمن أجل رغيفهم،وكذلك النساء الحوامل.
جاء الوصف لتسلل التراب على جسد الصِبية بصورة تصويرية بطيئة دقيقة،ويعتمد على الصورة البصرية لكي يؤثر على القارىء المتخيل للمشهد."يتسلل من داخل الصناديق المثقوبة إلى قفاي ثم نحو ظهري إلى مؤخرتي ومن أسفل الثياب يتصاعد الغبار حتى يصل إلى آخر نقطة من جلدي"
وصف الكاتب من خلال سرده الحزين الطبيعة كالأرض والحقل والشمس والمطر والبرد،والطيور وذكر بعض الحيوانات الأليفة،كما ذكر بعض النباتات.
برزت العاطفة الجياشة بقوّة في سرد المذكرات عامة وبصورة خاصة بما يتعلّق بعلاقة الكاتب الدافئة بالجدّة حنّة،فقد وصف محاسن بالجدّة وقوة شخصيتها بأسلوب شاعري مستخدما أسلوب التّكرار.
يوجه الكاتب من خلال مذكراته صرخة في وجه الأغنياء للكفّ عن استغلال الفقراء ماديا والنساء جنسيا،وصرخة في وجه السّاسة الذين يتجاهلون الفقراء في المجتمع.
استخدم الكاتب أُسلوب المقارنة،مقارنة بين أُسلوب معيشة الأغنياء والفقراء،(الأغنياء يقضون العطل بالمخيمات الباهظة،والفقراء يمدحون مقابل دريهمات"والمقارنة بين الموت والألم عند الفقراء أثناء الحريق وبين الحياة الرغيدة أثناء احتفال الأغنياء بالسنة الجديدة، وأوجد التشابه بين الفقراء والعبيد الأفارقة،مقارنة بين الماضي الدافىء رغم قساوته وبين اليوم الجاف.
صوّر لنا الكاتب إبداع الأطفال الفقراء في البحث عن حلول بديلة لممارسة هواياتهم.
برزت روح الفكاهة والإبتسامة والأمل رغم المعاناة والأُسلوب السّاخر من واقعهم المرّ،كتسمية "الموقف" بالمطار،لذا نلاحظ عدم هروب الكاتب من ذاكرة الطفولة في البرّاكة بل أكدّ الكاتب حنينه إليها.لأنّ الفقر جعلهم يلامسون الحب في التمعن بالأشياء الصغيرة قبل الكبيرة،وجعل التضامن بينهم.
هناك بعض الكلمات حبذا لو فسرها الكاتب جانبا لأنها غير معروفة للجميع.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com