هنالك دور هام ومهم للمعلمين في تنمية مهارات التدريس الإبداعية في ضوء اقتصاد المعرفة فعملية تطوير التعليم لا تتم الا بوجود المعلم المتميز المبدع الذي يضع بصمته على سلوك الطلاب وتغييرهم نحو الأفضل للوعي التام والأبداع داخل حجرة الصف ومحتوى المادة ذات العلاقة.
حسب الادب التربوي " إذا ما أردنا ان نوفر بيئة تربوية إبداعية فلا بد ان نوفر معلمين مبدعين". (برنامج التعليم المفتوح,1992).
ان النموذج الذهني الإبداعي لدى المعلم هو عبارة عن جملة متماسكة من الادراكات المعرفية والانفعالية والتي هي المفاهيم والمبادئ والمعتقدات والقيم والاتجاهات التي تتكون لديه وتتطور نتيجة لخبراته الحياتية المختلفة. فالمعلم بحاجة الى خبرات منظمة عامة وخاصة لتطوير التعليم نحو اقتصاد المعرفة الذي يتطلب تحسين العملية التعليمية واعداد المعلمين في مجال التعليم بالشكل الذي يصل بهم الى مستوى الابداع، فمهارات التدريس الإبداعية التي يمارسها المعلمون داخل الغرفة الصفية لها تأثير واضح في التطوير.
من هنا نستطيع تعريف اقتصاد المعرفة على انه الاقتصاد الذي يدور حول الحصول على المعرفة والمشاركة فيها واستخدامها وتوظيفها وابتكارها وانتاجها بهدف تحسين نوعية الحياة بكافة مجالاتها من خلال الاستفادة المعلوماتية وتطبيقات التكنولوجيا المتطورة واستخدام العقل البشري كراس مال معرفي ثمين، واستخدام البحث العلمي بهدف احداث تغييرات استراتيجية في القطاع الاقتصادي والتنظيم والانسجام مع تحديات العولمة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وعالمية المعرفة والتنمية المستدامة بمفهومها الشمولي التكاملي (مؤتمن. 2004).
وهو أيضا كيفية تأثر المعلم بالتطورات التكنولوجية الحديثة ووسائل التعليم واستراتيجياته الجديدة واستخدامها للوصول الى التعليم المطلوب والتمييز والابداع. فمهارات التدريس الإبداعية تعرف على انها الممارسات التي تكون السلوك التدريسي الذي يتبعه المعلم داخل غرفة الصف من اجل تنمية مهارات التفكير الإبداعي وتوظيف التكنولوجيا وربط المعرفة بالحياة مما يؤدي الى اثارة التفكير الإبداعي للطلاب.
وحتى نربط بين مهارات التدريس الإبداعية والاقتصاد المعرفي نستطيع تلخيص مفهوم هذا الاقتصاد بانه استخدام المعرفة لخلق منافع اقتصادية تعتمد على المعلومات والمعرفة وخلق الثروة لأنه اقتصاد عالمي واسواقه ليست لها حدود بل ان العالم كله يشكل سوقا لهذا الاقتصاد (القضاة,2004)
وهنا يبرز دور التعليم في توفير القدرات الإدارية والتنظيمية وتطوير قدرات العاملين وتزويدهم بالمعلومات والمعارف والمهارات بشكل يزيد من انتاجهم ويحقق التنمية والتطور واحداث التطور التكنولوجي وربط التعليم بالبحث العلمي والتكنولوجي حسب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ورفع الإنتاجية في كافة المؤسسات الى اقصى طاقة وتوفير المعلومات والمعارف وزيادة درجة وعي الافراد وثقافتهم وتحقيق الرشد والعقلانية في سلوكهم وتصرفاتهم, وزيادة التحفيز والدوافع وبذل النشاط والجهد الأكبر من اجل زيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة ودرجة الرفاهية في جوانب الحياة المختلفة.
لذلك نرى ان معلم القرن الحادي والعشرون هو معلم مجدد ومبتكر ومبدع قادرا على إدارة التفاعلات الصفية بكفاءة عالية واسع الثقافة متنوع الأساليب يتقبل اراء الاخرين يتجنب أساليب القمع والاستهزاء ويتبنى أساليب التحفيز والتشجيع ويمارس أساليب التواصل والتفاعل الصفي والعصف الذهني ويعمل بنظام المجموعات والتعليم الذي يعتمد على المشاريع والتعلم ذو المعني والفعال والتعليم العاطفي الاجتماعي, هذا المعلم الذي يتجنب أساليب التلقين وفرض الأفكار والتلقين وانما يعمل على تدريب طلابه على أساليب التعليم الذاتي في الوصول الى المعلومات بأنفسهم وتحليلها وترتيبها بشكل منطقي وعرضها امام الطلاب وتوضيحها فتتحقق عملية التعليم الذاتي والتعلم من الاقران والزملاء.
هذا هو المعلم الذي يشجع طلابه على توظيف المعرفة حسب خطوات البحث العلمي واستخدام ادواته في حل المشكلات كما يشجعهم أيضا على الاستكشاف والابداع واستخدام المختبرات والتجارب الميدانية واستخدام أدوات البحث العلمي وسائر التقنيات الحديثة وتعزيز روح المبادرة والاصالة.
فعملية التدريس هي عملية تواصل بين المدرسة والمتعلم وتعني الانتقال من حالة عقلية الى حالة عقلية اخرى حيث يتم نمو المتعلم بين لحظة وأخرى نتيجة تفاعله مع مجموعة من المواقف التعليمية التي تؤثر فيه وهو نظام شخصي فردي يقوم فيه المدرس بدور مهني هو التدريس (الحيلة,1999).
وتعد عملية التدريس بانها الجانب التطبيقي للتعليم واحد اشكاله وحتى تكون عملية التدريس فعالة يجب التخطيط المسبق لها وتصميمها بطريقة منظمة ومتسلسلة. وليس الكتاب هو المصدر الوحيد في عملية التدريس فهنالك مصادر أخرى ووسائط متعددة تعتمد على استخدام الحاسوب وشبكات الاتصال عن بعد والانترنت وجميع الألعاب الالكترونية فالتطور والتقدم في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إثر في مجال زيادة إنتاجية وفاعلية المؤسسات العامة والخاصة في عدة مجالات منها المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي.
فحتى يكون التدريس ابداعي فيجب على المعلم اثارة انتباه الطلبة ودفعهم الى المثابرة والتفاعل والتعامل مع الواقع ومواجهته من اجل تغييره واثارة حب الاستطلاع والمخاطرة والجرأة للتعامل مع التناقض والغموض بالإضافة الى تعزيز ثقة الطلاب بذاتهم واثارة الدافعية الداخلية والبحث عن تفسيرات بديلة والتقليل من مستوى الضبط والضغط على الطلاب داخل الغرفة الصفية وإشاعة جو الصداقة والدفء والطمأنينة والحرية.
وهذا يتوفر عن طريق بناء دروس ولقاءات مع الطلاب وترتيب عملية التعليم التي تعتمد على المشاركة والنقاش والتفكير المتجدد واستنتاج واستنباط المعرفة بهدف تشجيعهم على المواجهة والصدق والشفافية والتعامل مع الواقع وتناول جميع المعطيات ودراستها وانتقاد الواقع وتحليله والابداع في هذه الدراسة والتحليل واقتراح توصيات للوصول الى الحلول الحقيقية لتخدم الواقع الذي يعيش فيه.
ان تهيئة البيئة التربوية اللازمة والأجواء الصفية وتناول مشكلات واقعية وحقيقية يتم اختيارها من قبل الطلبة من حياتهم اليومية مع توفير مثيرات ومواقف بيئية تساعدهم في تحضير نماذج ومنشورات وملصقات ومنتوجات صفية إبداعية هادفة تخاطب الواقع، فيتفاعل الطلبة فيما بينهم فيعززون حسن الاستماع والانصات ومهارات الحوار واعتماد الأسئلة المختلفة والنقاش الراقي للقضايا المختلفة وتبني أسلوب التعلم التعاوني واشراك جميع الطلبة في جلسات تعليمية حول الطاولات الدائرية والعمل في مجموعات.
وعرض الصور والقصص والرسومات الإبداعية والملصقات والاعلانات والمنشورات الخاصة بالموضوعات المختلفة، فتشجيع الطلبة لمثل هذا التعليم واكتساب مهارات التعليم الالكتروني الحاسوبي كضرورة حتمية في العالم المعاصر وفي ظل التقدم التكنولوجي المتسارع بمتغيراته ومستجداته المتلاحقة في تطور تكنولوجيا الاتصالات ونظم المعلومات وتوظيفها لاستيفاء متطلبات الجودة الشاملة التي يتطلبها الاقتصاد المعرفي.
**
الشمري، هاشم والليثي، ناديا (2008). الاقتصاد المعرفي، الطبعة الأولى، دار صفاء للنشر والتوزيع عمان، الأردن.
شتا، السيد علي (1999). المدرس في مجتمع المستقبل، القاهرة، الاشعاع الفني.
لونج، هارفيوويثرو، فرانك (2010). اعداد المدارس والنظم المدرسية للقرن الحادي والعشرين " توصيات مؤتمر مونت فيرون الجمعية الامريكية لمديري المدارس، ترجمة امل سلامه الشامان، الرياض، مكتبة العبيكان.
محروق، ماهر حسين (2009)، دور اقتصاد المعرفة في تطوير قدرات ثقافية، ورقية عمل مقدمة الى ورشة عمل قومية، منظمة العمل العربية، دمشق.
* كاتبة المقال: الباحثة لمى حسين مشعل جامعة مولدوفا- اقتصاد المعرفة
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com