تأسّست منظّمة التّحرير الفلسطينيّة في العام 1964 بدعم وتأييد من زعيم الأمّة الرّئيس المصري جمال عبدالنّاصر-رحمه الله-، وكان الهدف هو إحياء القضيّة الفلسطينيّة وإخراجها من ملفّات الجامعة العربيّة، وفي مؤتمر القمّة العربيّة في الرّباط عام 1974 تمّ الإعتراف بمنظّمة التّحرير الفلسطينيّة كممثّل شرعيّ ووحيد للشّعب الفلسطينيّ في جميع أماكن تواجده، ومع أنّ هذا القرار العربيّ لم يكن بريئا، لأنّه يحمل في طيّاته تبرئة الأنظمة العربيّة من دم القضيّة الفلسطينيّة، إلّا أنّ الشّعب الفلسطينيّ بتنظيماته وأحزابه ومؤسّساته احتفل بهذا القرار واعتبره نصرا مبينا، ومنذ ذلك التّاريخ نشطت منظّمة التّحرير سياسيّا كممثّل شرعيّ ووحيد للشّعب الفلسطينيّ، وانضوت تحت مظلّتها التّنظيمات والأحزاب الفلسطينيّة، ومع أنّ أنظمة عربيّة وجدت نفسها مضطرّة لدعم منظّمة التّحرير واحترام خياراتها في العلن، إلّا أنّها كانت تعمل على هدمها والقضاء عليها في الخفاء، إلّا أنّ المنظّمة حظيت باحترام غالبيّة دول وشعوب العالم، ولعدالة القضيّة الفلسطينيّة فإنّ الدّول التي اعترفت بمنظّمة التّحرير أكثر من تلك التي اعترفت بإسرائيل رغم الضّغوطات التي مارستها الإمبرياليّة العالميّة والحركة الصّهيونيّة لمنع هذه الدّول من الإعتراف بالمنظّمة، لذلك فإنّ اسرائيل شنّت حربها على لبنان عام 1982 في محاولة منها للقضاء على منظّمة التّحرير وفصائلها بعد أن شعرت بتعاظم دورها.
وبعد مؤتمر مدريد عام 1991 فاوضت منظّمة التّحرير اسرائيل سرّا، وتوصّلت معها إلى اتّفاقات أوسلو التي وُقّعت في ساحة البيت الأبيض في 13 سبتمبر 1993، والتي تمخّضت عن إقامة السّلطة الفلسطينيّة في العام 1994. ومن خلال أدبيّات السّلطة الفلسطينيّة وتصريحات قادتها ومعها الفصائل الفلسطينيّة جميعها، جرى التّأكيد أنّ السلطة الفلسطينيّة وليد شرعيّ لمنظّمة التّحرير، وأنّ المنظّمة هي مرجعيّة السلطة، فإذا كانت السّلطة تتولّى مسؤوليّة الأراضي الفلسطينيّة المحتلة عام 1967، فإنّ منظّمة التّحرير تتولّى مسؤوليّة الكلّ الفلسطيني بما فيه السّلطة الفلسطينيّة في الوطن والشّتات، فهل يجوز بين ليلة وضحاها أن تصبح منظّمة التّحرير تحت ولاية السّلطة؟ وعلى أيّ أساس وبناء على أيّ قوانين اعتمدت قيادة السّلطة في اتّخاذ هكذا قرار؟
وهنا تُطرح أسئلة عديدة منها: ما هو مصير العلاقات مع الدّول التي اعترفت بمنظّمة التّحرير كممثّل شرعيّ وحيد للشّعب الفلسطينيّ؟ وهل السّلطة الفلسطينيّة قادرة وبإمكانها تحمّل مسؤوليّة فلسطينيّي الشّتات؟ وهل ستسمح لها الدّول التي يعيش فيها اللاجئون والنّازحون الفلسطينيّون بذلك؟ وما هو مصير حقّ العودة الذي نصّت عليه قرارات الشّرعيّة الدّوليّة؟ وهل ستبقى منظّمة التّحرير قادرة على نشاطاتها السّابقة رغم تراخي دورها في السّنوات القليلة الماضية بعد أن تنضوي تحت لواء السّلطة؟
ومعروف أنّ السّلطة الفلسطينيّة تتعرّض لضغوطات كبيرة جدّا على المستويين العربيّ والعالميّ، وإذا ما انهارت السّلطة الفلسطينيّة تحت هذه الضّغوطات، فهل ستعود القضيّة الفلسطينيّة إلى الصّفر من جديد، بعد أن صارت منظّمة التّحرير تحت لوائها.
وكما يبدو فإنّ هناك من يضغط على إنهاء منظّمة التّحرير، كعقاب لها على سياساتها السّابقة، ويعد بأنّه سيعطي حلولا عادلة للقضيّة الفلسطينيّة بعد ذلك، لكنّ التّجارب تقول أنّهم لن يقدّموا شيئا، لكنهم سينجحون بإنهاء المنظّمة، والحديث يطول.
20-2-2022
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com