مع نهايات الأسبوع الثاني للحرب الدائرة على اراضي اوكرانيا السوفياتية سابقا والتي تضم جمهوريتين مستقلتين حديثا في اقليم الدونباس بحوض الدون، نلحظ منحاَ تصاعديا خطيرا للعمليات العسكرية، الى جانب هستيريا غير مسبوقة في الاعلام الغربي الموجًة والذي يصب الزيت على نار المواجهة، التي سيدفع ثمنها ليس فقط شعوب اوروبا الشرقية وانما الشعوب الغربية أيضا، بينما تقطف امريكا ثمارها بأموال وسيولة نقدية وبعيدا عن ارضها.
الحرب الطاحنة الحالية لم تولد من العدم، وطالما حذًر ساسة ومحللون وعسكريون امريكان وغربيون من خطورة التمدد الاطلسي شرقا وحصار الدب الروسي، لكن للأسف جاءت مقالاتهم وتحذيراتهم بعد تركهم لمناصبهم التنفيذية، خوفا من بطش آلة الحرب وعمالقة الاقتصاد الحربي وخوفهم على انظمتهم ومقاعدهم، وعندما كانوا صنًاع قرار صمتوا كصمت اهل الكهف .
منذ الانقلاب الفاشي عام 2014 كان العنوان محفورا على الجدار، ولم تكن المواجهة سوى مسألة وقت وهذا ما حصل، فعدا عن القوانين الفاشية والتطهير العرقي للروس والممارسات النازية مثل حظر الحزب الشيوعي واختطاف قيادات الشبيبة الشيوعية، فقد تحولت أوكرانيا الى مخلب الناتو في خاصرة روسيا، وكلها دلائل تشير الى غوص زيلينسكي وعصابته النازية بالعمالة للغرب ولأمريكا، وخيانة مصالح الشعب الأوكراني.
قد نتفق مع قيادة الدولة الروسية وقد لا نتفق وهذا شرعي، ولكن حقيقة ان ثاني اكبر جيش في العالم بات محاصرا على ارضه وبلاده بهدف تقويض أمن دولته، كان سيقود لا محالة الى رد حاسم سياسيا وعسكريا يدفع ثمنه الشعبين الاوكراني والروسي للأسف. لكن ما يحدث لبعض القوى اليسارية والشيوعية هنا وفي الخارج، والتى تلفعت بلباس "الديمقراطية" الزائفة، وتملك صلف الدفاع عن "حقوق الانسان" هناك بعيدا في شرق أوروبا، ومنها ما ذهب الى حد اتهام الحزب الشيوعي الروسي بالاذدناب للنظام، في حين نرى اداناتها خجولة ومتلعثمة لما يحدث في شرقنا الحبيب ويمننا السعيد ووطننا المسلوب وشعبه المقموع، ما يعيد للأذهان نقاشات وانحرافات من ستينيات القرن الماضي، فتبا لهكذا منظرين وهكذا قيادات لاهثة وراء سراب "العدالة" الغربية والأمريكية. فما نراه في اوكرانيا يستدعي التوقف والمراجعة، كيف استطاعت قوى فاشية ان تقود اليلاد الى تقويض رغد عيشها وافتعال صراعات قومية تقودها مجموعات فاشية ونازية، وان تحول قيادة بلادها الى دمية تعمل بالريمونت كونترول من واشنطن؟
لفد واجهت شعوب الاتحاد السوفياتي بجمهورياته ال ١٥ اجتياحات عديدة عبر التاريخ وانتصرت فيها جميعا، وآخرها الانتصار على الوحش النازي دافعين ثمن ذلك نحو ٣٠ مليون ضحيه، ليس تحرير اوطانهم فقط وانما لتحرير البشرية جمعاء، ولن يتوانى اليوم الشسعب الروسي العظيم عن تقديم التضحيات لانهاء هيمنة امريكا على دول وشعوب العالم.
ستنتهي الحرب والجميع مطالب ان يعيد حساباته حالا وقبل فوات الأوان. وباعتقادي لن تصل المواجهة الى حد الصدام النووي، لكن المؤكد في المحصلة ان يعود مؤججو الحروب الى جحورهم، إزاء صعود محور الشعوب الرافضة للهيمنة الامبريالية من روسيا مرورا بالصين ومن آسيا الى افريقيا وامريكا اللاتينية.
من حق اوكرانيا ان تنعم بالسلام والاستقرار، تماما كما هو حق روسيا العظمى ان تنعم بالسلام والاستقرار والحفاظ على امنها القومي وشعبها وعدم تهديده عسكريا في ساحتها الخلفية، ومن حق شعوب اوروبا كلها بغربها وشرقها ان تتحرر من القبضة الامريكية .
هذة الحرب وبرغم الضحايا من المدنيين بالذات من الجانبيين وهو امر مؤسف حقا، ناهيك على انهيارات اقتصادية محتملة، سيدفع ثمنها الجميع، فهل ستكون نقطة العودة الى رجاحة العقل ام الى حرب شاملة مدمًرة لا تحمد عقباها؟ باعتقادي الاحتمال الاول هو الأرجح
״فسلام الشعوب بحق الشعوب."
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com