تعد ظاهرة حب المرأة للقلم وتعلقها بالورقة من المظاهر المثيرة للاستغراب، فقد بدى من الطبيعي والمعروف أنها تقتنيهم لتعلم أبنائها وربما تلاميذها، بالرغم من اعتيادها على البوح لورقتها حيث يتسع صيوان أذن الورقة، وتمتص عجينة الورق مشاعر الأنوثة لديها حيث اختفت الآذان من واقعها وتبلدت الأحاسيس في ملامسة مشاعرها.
من خلف تلك الصعوبات ومن بين الضغوط المحيطة والأعباء المتراكمة خرجت المرأة الكاتبة بروح التحدي عازمة على شق طريقها وتطوير مهاراتها وتوسيع آفاقها وصقل موهبتها بالرغم من حاجة كل ما سبق للوقت الغير متوفر لديها كعاملة وأم وزوجة، خاصة أنها بطبيعتها تؤثر الآخرين عن نفسها أي أنها تفضل العمل باحتياجات أسرتها وذويها عن العمل على احتياجاتها، ان افترضنا أن الكتابة احتياج.
وهي دوما تعمل على إخفاء نظرات الخوف في عينيها، خوفها من ردات فعل مجتمعها وكيفية استقباله لكتاباتها وآرائها التي لها دور كبير في التأثير على ثقتها بنفسها لتقوم هي وحدها ببنائها واعادتها إلى قمتها. فبمجرد شعورها بحاجة الكتابة تجد نفسها أمام أوراقها وكتبها وأقلامها تستحضر مفرداتها وتعمل على إرضاء مكامنها، بخط الحروف والتجول في عوالم الكتب والأوراق.
ان كل من اتهم المرأة بحصر أفكارها وانكفائها على التذمر والشكوى في كتاباتها ظلم ما فيها من باحات أمل وبياض روح وعطاء لا ينتهي وحبها لدراسة التفاصيل واكتشاف ما وراء الأفق والظلال. وهنا يكمن السر في النجاح رغم كل الحواجز والمعوقات فالمرأة عندما تمنح الوقت تخلص للحياة فيزهر الإخلاص واقع أفضل ومستقبل أبهى.
تعمل المرأة الباحثة والكاتبة على مضاعفة ساعات يومها لتعثر على ساعة تعيشها بين الضمة والسكون تستمع فيها لنغمات المدات بأنواعها وتحتسي أثناءها سواد طمسات كل عين وفاء فتعيش الساعة ساعات والكلمة كلمات والسطور صفحات.
ومهما تكن النظرة لأدب المرأة وكتاباتها فإن المنجز الجيد والموهبة المصقولة بالمران وسعة الأفق ستنال في النهاية ما تستحق من مكانة علمية بحثية وأدبية، وهذا يترتب على معرفة الكاتبة بعثرات طريقها وقدراتها على تجاوزها وقوة صبرها وجلادتها واصرارها على متابعة مسيرتها واتمام إنجازاتها، ومغادرة أي وضع يحدد لها إمكاناتها ويقتل شغفها ويحد من دورها ويحجمها.
الكتابة لدى المرأة هي عبارة عن تطريز الكلمات وصناعة العطور ونثرها، ونشر الجمال وحب الأوطان وخصوبة المعاني والأفكار وانجاب الإنجازات.