قي الثاني والعشرين من الشهر الحالي شهدت مدينة شرم الشيخ المصرية انعقاد قمة ثلاثية جمعت محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت. هذه القمة هي الأولى من نوعها بين أبرز شركاء أمريكا في المنطقة ولها إشارات واضحة: توجيه رسالة تساؤل إلى الشريك الأمريكي مفادها: هل ستقف أمريكا مع شركائها أم ستنحاز لطهران وستندفع لاتفاق معها بأي ثمن؟"
المباحثات في شرم الشيخ، وحسب وكالة أنباء الإمارات، تناولت تداعيات التطورات العالمية، وتعزيز العلاقات بين الدول وأهمية التعاون والتنسيق والتشاور بما يلبي طموحات التنمية والاستقرار في المنطقة، كما بحثت عدداً من القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك. هذا ما يبدو للإعلام ظاهرياً. ولكن بالتأكيد هناك خفايا من وراء اللقاء لا يعلم بها سوى المتآمرون على شعوب المنطقة.
هذه القمة، وعلى الأكثر، لم تتوصل إلى النتائج المرجوة، ولذلك سارع رئيس الحكومة بينيت إلى دعوة لعقد قمة أخرى في إسرائيل تجمع ممثلين عن دول "اتفاقيات إبراهيم"، وتوجيه دعوتين أيضًا لمصر والأردن وأعلمتهما بأن وزيري خارجيتهما مدعوان أيضًا لحضور القمة. لكن هذه المرة لن تكون القمة ثلاثية بل زاد العدد إلى الضعف لتصبح قمة سداسية تجمع وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، وزيرالخارجية المغربي ناصر بوريط ووزير الخارجية المصري سامح شكري. ويبدو أن الأردن لن يشارك في هذه القمة. وعلى ذمة صحيفة "هآرتس" فإن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لن يحضر القمة.
مكتب رئيس الحكومة نفتالي بينيت أعلن أن القمة المقرر عقدها في تل أبيب، قد تم نقل مكان عقدها إلى النقب. ولا شك في أن نقل مكان اجتماع القمة له دلالة سياسية واضحة، خصوصاً وأن عقدها يأتي عشية ذكرى يوم الأرض في الثلاثين من الشهر الحالي، وفي ظل إعلان وزيرة الداخلية شاكيد عن إقامة عشر مدن يهودية في النقب. إذاً ، التحدي الإسرائيلي واضح تماما، وقد يكون القرار الأردني بعدم المشاركة له علاقة بذلك، لعدم إعطاء شرعية لما يحدث من قبل الجانب الإسرائيلي.
العاهل الأردني عبد الله الثاني، لا يريد فقط عدم مشاركة الأردن في هذه القمة، بل قام باتخاذ خطوة موازية للقمة ، ولكن على الصعيد الفلسطيني. فقد ذكرت صحيفة "هآرتس" نقلاً عن مصادر أردنية، إنه من المنتظر أن يصل الملك عبد الله الثاني إلى رام الله يوم غد الاثنين ليلتقي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولذلك من غير المعقول أن يستبق وزير الخارجية الأردني زيارة إسرائيل قبل زيارة العاهل الأردني لرام الله.
الرئيس السابق للدائرة السياسية والأمنية في وزارة الأمن الإسرائيلية عاموس جلعاد، قالها صراحة "إن اللقاء يعبّر عن اتساع دائرة التعاون الأمني والاستراتيجي بين إسرائيل ودول عربية، وفي مقابلة أجرتها معه قناة “كان” الرسمية، أوضح جلعاد، أن إسرائيل باتت ترتبط عملياً “بحلف إستراتيجي” بدول عربية بهدف مواجهة إيران وما أسماه جلعاد " "الإرهاب الإسلامي السني".
من ناحية ثانية، كشفت القناة االإسرائيلية الرسمية "كانط عن أن الولايات المتحدة لعبت دوراً في تنظيم اللقاء، إلى جانب دور قام به السفير الإسرائيلي في واشنطن مايك هيرتسوغ في التحضير لعقده. إذاً كل شيء يسير في المنطقة حسب تخطيط أمريكي وإسرائيلي. وبحسب القناة نفسها، فإنه في حال فشل الجهود الهادفة للعودة للاتفاق النووي، فإن لقاء الستة سيعزز فرص التعاون الأمني والعسكري بين إسرائيل وهذه الدول في مواجهة البرنامج الذري الإيراني.
على كل حال يبدو بصورة واضحة أن "طبخة" سياسة يتم التحضير لها في المنطقة بين أقطاب "اتفاقات أبراهام" ومشاركة مصر، بدليل عقد قمتين على مستوى عال بين هذه الأقطاب خلال إسبوع واحد، والمخفي أعظم.