طالما سمعنا من يتحدث عن الرياضة بأنها : فن ، ذوق ، أخلاق ، تعارف،جسور تعايش وسلام ، ملتقى ثقافات وحضارات و …وإليكم بيان الوجه الآخر للرياضة ولكرة القدم خاصة ؛ لقد عانى عدد من النجوم العرب عبر مسيرتهم واحترافهم ، من مظاهر عنصرية وألفاظ نابية مثل : عرب مخربون ، عرب مقرفون ، الموت للعرب ، إذهبوا إلى غزة ، والموت لفلان ويُسمّون اللاعب باسمه ، واستمرت العنصرية وازدادت وتيرتها منذ صعود فريق اتحاد سخنين الى الدرجة العليا وفوزه بكأس الدولة عام 2004، فقد باتت المباريات التي تجمع فريقي بيتار القدس واتحاد سخنين مثالا بارزا على التقطب بين العرب واليهود ، ففريق بيتار القدس له جمهور عنصري حاقد على العرب والمسلمين ، ويصفهم بالمخربين ويشتم النبي صلى الله عليه ، وفي المقابل يجد المشجعون العرب لسفير العرب "إتحاد سخنين" فرصة ومتنفسا للرد على عنصرية جمهور البيتار ، ويعتبرون المباريات ضد فريق بيتار القدس تحديا ذا بعد وطني وقومي وأحيانا ديني ويهتفون : بالروح بالدم نفديك يا أقصى . ومن الأمور اللافتة في السنوات الأخيرة ازدياد عدد اللاعبين العرب المحترفين في الدرجات العليا والممتازة وازدياد عدد الفرق "العربية" في الممتازة مثل : إخاء الناصرة ، والوحدة كفرقاسم ، وهبوعيل أم الفحم ، ومكابي أبناء الرينة .
ومتابعة لما نحن بصدده : قبل عدة أشهر تمّ إلقاء القبض على أربعة من الأسرى الفلسطينيين الستة الهاربين من سجن جلبوع في محيط مدينة الناصرة ،ولا ندري ما العلاقة بين هذا الأمر ، وبين هتافات نابية أطلقها عدد من جمهور أم الفحم بحق كل نصراوي ، وهذا أمر مستنكر ومرفوض ، علما أن الأسيريْن الباقيين تم إلقاء القبض عليهم في منطقة جنين والبقية عندكم ... ونتابع جلد الذات ؛ فقبل عدة أيام ، فاز الفريق الفحماوي على الفريق القسماوي وسمعنا هتافات نابية مرفوضة كذلك من عدد من الجمهور القسماوي موجهة إلى كل فحماوي ! لماذا ؟ وما المسوغ ؟ . نؤكد هنا أننا أصحاب رسالة وقيم وأخلاق ومبادئ ، ولن نكون يوما إمّعات ، ولن نصفق على الدوام في كل الحالات ، بل سنصفق عندما يكون للتصفيق ما يسوّغه ، وسنقول للمحسن إذا أحسن : أحسنت وأجدت، وسنقول للمسيء إذا أساء : أسأت وأخطأت ، ونكتب ما نكتبه هنا من أجل تصحيح المسار وتقويم الانحراف ، ووضع النقاط فوق الحروف . ونمضي مع الخلط المقصود بين الرياضة والسياسة ، فبعد عملية الخضيرة التي نفذها شابان من أم الفحم ، وقُتل فيها المجند يزن فلاح ابن كسرى كفرسميع ، صرح اللاعب ساري فلاح (ابن عم يزن )الذي يلعب في فريق الخضيرة : أين صوت اللاعبين العرب ، اخجلوا من أنفسكم ! ويقصد اللاعب ساري : لماذا لا نسمع استنكارا واضحا للعملية من النجوم العرب البارزين !…
وهنا نسأل اللاعب ساري : أليس استنكار العملية الصادر عن المتابعة والأحزاب العربية والحركات في الداخل كافيا ؟ أوليس النجوم العرب جزءا من المجتمع العربي ؟ وأين كان ساري وغيره عندما تعرض النجم النصراوي مؤنس دبور لحملة تحريض ممنهجة لإخراجه من المنتخب بسبب نشره للآية " ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون " على صفحته عقب العدوان على غزة قبل عام …؟ ونواصل السؤال مرة أخرى ، لماذا لم نسمع صوت ساري وغيره قبل عدة أيام عندما استمر التحريض على مؤنس دبور خلال مباراة منتخب إسرائيل مع منتخب رومانيا على استاد سامي عوفر في حيفا ، حيث سجل مؤنس دبور هدفي التعادل لصالح المنتخب ضد رومانيا ، وبدلا من تحية مؤنس المتألق والتصفيق له كما يفعلون لزهافي ، صرخ جمهور المنتخب الإسرائيلي ضد مؤنس بهتافات تصمّ الآذان مع كل هدف يسجله مؤنس ؛ بووووووووززززز…حتى الأهداف التي سجلها مؤنس على مستوى المنتخب لم تشفع له لدى شريحة واسعة من الجمهور الحاقد الذي لا يرى إلا بعين واحدة ومن زاوية واحدة . ونمضي مع مدرجات الملاعب ، فقبل يومين ، ووفق الصوت والصورة قام عدد من جمهور مكابي تل أبيب أثناء مباراة الأخير مع مكابي نتانيا بنعت النائب أحمد الطيبي بنعوت فاحشة ، وهي بالطبع مرفوضة ومستنكرة ، ولكنها إن دلت فإنما تدل على الأجواء التحريضية التي تغطي سماء البلاد ضد الجماهير العربية قادة وجماهير . وماذا بعد ؟ مساء أمس الاثنين ، وأثناء مباراة مكابي حيفا مع هبوعيل بئر السبع على ملعب حيفا ، تعرض لاعب بئر السبع العربي رمزي صفوري لتحريض عنصري من مجموعة من جمهور حيفا وصفته بالعربي المخرّب ! في حين سجل لاعب مكابي حيفا محمد ابو فنة الهدف الثاني لفريقه الفائز مكابي حيفا ، ولم يُشاهد في المدرجات إلا الفرح والسرور والتصفيق والانفعال ؟ أي نفاق هذا يا جمهور مكابي حيفا ؟ أليس رمزي صفوري ومحمد أبو فنة عربِيَّيْن ؟ ميزانكم مائل يا هؤلاء ! .
ولنذهب قليلا إلى الساحة الرياضية والكروية العالمية وباختصار : أنظروا عندما تكيل أوروبا بمكيالين ومعها أمريكا والغرب ؛ لقد فُرضت مقاطعة رياضية شاملة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا ، وأصبح رفع العلم الأوكراني في الملاعب والمدرجات تضامنا مع الشعب الأوكراني مسموحا ومشروعا ! ونسأل : أين كان الرياضيون والعالم عندما منع الاحتلال لاعبي المنتخب الفلسطيني لكرة القدم من مغادرة غزة إلى الضفة ؟ أو منعهم من السفر خارج فلسطين ؟ وأين كان العالم عندما شنت إسرائيل الحرب تلو الحرب على غزة ؟ ولماذا يصمت العالم عن احتلال لم يزل مستمرا منذ 74 عاما ، في حين لم يصمت عدة أيام على غزو روسيا لأوكرانيا ؟ ما هذا النفاق ؟ ولماذا يُعتبر رفع العلم الفلسطيني في مدرجات أوروبا تضامنا مع الشعب الفلسطيني مرفوضا وعملا يستحق العقوبة ؟ ولماذا التفريق بين الاحتلالين ؟ ولماذا الكيل بمكيالين ؟ ولماذا تحضر الإنسانية أحيانا تبعا للأهواء والمصالح وتختفي أحيانا أخرى ؟ ولماذا يصبح خلط الرياضة بالسياسة مسموحا في حالة روسيا وأوكرانيا ، ويُمنع في حالة إسرائيل وفلسطين ؟ .
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com