مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الفرنسية، تتسابق أحزاب اليمين الفرنسي في مهاجمة الإسلام والمسلمين في فرنسا لكسب أصوات انتخابية، كما هي العادة في كل دورة انتخابية.
معاناة المسلمين في فرنسا الذين يتجاوز عددهم الستة ملايين مسلم، أكدها استطلاع لمؤسسة «جان جوريس» والذي أكد أن نصف المسلمين تقريباً يعاني من التمييز والعنصرية. وقد جاء في تقرير لـ"التجمع ضدّ الإسلاموفوبيا" في فرنسا، أن ارتفاعاً بنسبة 77 بالمئة في الاعتداءات على خلفية كراهية دينية على مسلمين، حصل بين عامي 2017 و2019. كما أن أكثر ما يثير قلق الجمعيات المعنية بحقوق الإنسان،هي اعتقالات تلاميذ مدارس، بتهمة "تبرير الإرهاب"، كما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير لها من العاصمة الفرنسية.
الإعلام الفرنسي بشكل عام يتحدث عن المسلمين، لكنه لا يتحدث معهم، ويرى مراقبون لأوضاع المسلمين في فرنسا أن الإعلام ينافق في الدفاع عن حرية التعبير، وتصوير هذه الحرية للعالم بأنها حرية مطلقة. لكنها في الحقيقة ليس كذلك وهي كذبة متداولة في المجتمع الفرنسي. والدليل على ذلك: طرد رسام من مجلة "شارلي ايبدو" قبل سنوات لأنه سخر من ابن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. إذاً، أين القانون الفرنسي الذي يكفل لأي شخص حرية التعبير عن أي فكرة؟ وإذا كان القانون الفرنسي (حسب كذبهم) يعاقب الإساءة الموجهة لمعتنقي هذا الدين أو ذاك، أو ممارسة التمييز ضدهم، فلماذا يسكتون على إهانة المسلمين؟
صحيفة "وول ستريت جورنال" أثارت غضبا واسعا بعد نشرها تقريراً من العاصمة الفرنسية عن معاناة الأطفال المسلمين في مدارس فرنسا. فقد تحدثت الصحيفة الأمريكية عن قيام السلطات المسؤولة في مدينة بيزييه جنوبي فرنسا، بتعديل وجبات الطعام التي تقدمها المدارس الابتدائية للتلاميذ، ليصبح لحم الخنزير هو اللحم الوحيد في القائمة من دون الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك محرماً في الشريعة الإسلامية.
حتى أن صحيفة " لو باريزيان الفرنسية" تجاوزت حدود الوقاحة ونشرت مقالاً يطالب المسلمين بإبطال سور من القرآن الكريم، الأمر الذي استنكره المسلمون في فرنسا بشدة، ودفع بعمدة جامع باريس الكبير دليل بوبكر إلى القول في بيان "إن الهذيان الجنوني في حق مواطنين فرنسيين مسلمين عبر هذا المقال، يهدد جديا بإثارة طوائف دينية ضد أخرى". وزيرا الداخلية والشؤون الدينية الفرنسيين، كانا في منتهى الصراحة عندما أعلنا "أن الحوادث المعادية للمسلمين زادت بنسبة 38 في المائة في عام 2021"
وحسب معلومات فرنسية، فإن فرنسا تشهد ظواهر مخيفة فيما يتعلق بالمسلمين: منها تنامي العداء العلني للمسلمين من جانب الساسة ووسائل الإعلام المختلفة، وخصوصا من جانب قادة الأحزاب اليمينية مع قرب الانتخابات. وهذا ما أكده السياسي الفرنسي اليساري ماتيل بانو، رئيس حزب «لا فرانس إنسوميز» اليساري، الذي تحدث عن «المشاعر المعادية للمسلمين، مرارًا وتكرارًا، من نفس السياسيين، ونفس وسائل الإعلام». والذي أكده أيضاً فيليب بوتو، المرشح الرئاسي عن الحزب اليساري الجديد المناهض للرأسمالية حيث تحدث عن تفاقم الإسلاموفوبيا داخل الحكومة وفي أجهزة الإعلام وتشجيع «الجماعات اليمينية المتطرفة على مهاجمة المسلمين».
حالة أخرى برزت في المجتمع الفرنسي، وهي ظهور جماعة تسمى «إلى الجحيم» تدعو إلى تطهير البلاد من المسلمين وإقامة دولة عرقية بيضاء, وقد أطلقت هذه المجموعة قناة رقمية على تطبيق «تيليجرام» تدعو إلى اتخاذ إجراءات «لتسريع حرب عنصرية» كما أن أحد أعضاء هذه الجماعة قال في إحدى المحاكم إن «الدين الإسلامي لا يتوافق مع القيم الفرنسية وإن المساجد ليس لها مكان في فرنسا».
ويبدو أن المسلمين الفرنسيين وصل بهم الأمر إلى مرحلة اليأس من قدرة الدولة في مواجهة هذه الاعتداءات العنصرية الرهيبة ضدهم، أو استعدادها للدفاع عنهم. فقد صرح عبد الله زكري، رئيس المرصد الوطني لمناهضة الإسلاموفوبيا "بأن رؤساء دور العبادة المسلمين يميلون إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات قانونية لأن شكاواهم لن تذهب إلى أي مكان، وأنه هو شخصياً تلقى العام الماضي 75 رسالة تحتوي على إهانات وتهديدات.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com