يأتي أسبوع الحد من هدر الطعام لهذا العام قريبا لشهر رمضان المبارك الذي يهدف إلى الانضباط الذاتي والاكتفاء بالقليل وعدم التبذير في نعمة الله الى جانب الشعور مع الفقراء والمحتاجين
عندما نتواجد عند بائع الخضار والفواكه في الحيّ نتنافس مع جميع الزبائن من منا ينجح في اختيار أفضل واجود الفواكه والخضار كالخيار والبندورة والبطيخ، من ناحية اخرى من السهل علينا نسيان الاكل الوفير المتواجد امامنا- ملايين الاطنان من الطعام يتم رميه سنويًا في البلاد، الذي بدوره يؤدي إلى إهدار عظيم في الموارد التي تؤثر على ظاهرة انعدام الأمن الغذائي الآخذ بالتوسع في العالم وعلى تدهور أزمة المناخ بالإضافة إلى تأثيرها على وضعنا الاقتصادي وحساباتنا المصرفية. بالإضافة الى ذلك: العائلات العربية تفتقد للأمن الغذائي أكثر بثلاث أضعاف من العائلات اليهودية، وفقًا لبحث جمعية سيكوي : أكثر من 40% من العائلات العربية تفتقد الأمن الغذائي- معطيات قبل جائحة الكورونا، مما يؤكد أنه خلال الأزمة الوضع تفاقم أكثر تزامنًا مع تدهور الأوضاع الاقتصادية.
بالرغم من ذلك، من الواضح ان قطاع الاعمال اكتشف الامكانيات الاقتصادية التي تقف خلف الحد من إهدار الطعام. في السنة الأخيرة تم تسجيل ازدهار غير مسبوق في الشركات الناشئة التي تهدف الى منع رمي الطعام في سلة النفايات، بالإضافة إلى الشركات التي تعمل على الحد من إهدار الطعام والتي نجحت في تجنيد مئات ملايين الدولارات مقارنة بالسنوات الماضية.
وفق التقرير الصادر عن برنامج للأمم المتحدة للبيئة، تم إهدار 931 طنا من الطعام في العالم ومنهم ما يقارب 61 طنا طعام من البيوت الخاصة. الطعام الذي يتم إهداره سنويًا يسبب ما بين 8% إلى 10% من انبعاث غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي الامر الذي يؤدي إلى تدهور أزمة المناخ العالمي. في تقرير منظمة "لكت اسرائيل" تم الكشف عن 2.5 مليون طن من الطعام تم إهداره عام 2020 في البلاد والذي يعادل 19.1 مليار شيكل والذي يشكل 35% من كافة صناعة الغذاء في البلاد.
" من الناحية البيئية، إهدار الطعام يؤدي إلى إهدار للموارد الطبيعية التي تُستخدم في الزراعة، بالإضافة إلى انبعاث غازات الاحتباس الحراري بسبب نقل الطعام وصناعة التغليف لتلك التي يتم رميها في القمامة والتي ينبعث منها غازات الاحتباس الحراري عند تحليلها".
هذا ما ذكرته د. ميخال بيترمن مؤسسة ومديرة عام لمنظمة The Natural Step Israel التي بادرت في "اسبوع الحد من هدر الطعام" في البلاد حيث اضافت قائلة ان الاموال التي تخسرها العائلات نتيجة هدرها للطعام يسبب مشاكل اقتصادية. بالنهاية، الحديث يدور حول مشكلة اجتماعية: الكثير من الناس يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أعداد هذه الناس آخذه بالارتفاع منذ انتشار وباء الكورونا، من السخافة ان يتم هدر الكثير من الطعام بدلًا من أن يصل إلى المحتاجين".
استثمارات بمئات ملايين الدولارات
وفق معطيات مؤسسة AgFunder, المتخصصة في استثمارات ال Foodtech و Agrotech، شركات ناشئة التي تعرض حلول للحد من ظاهرة هدر الطعام نجحوا في تجنيد 563 مليون دولار عام 2021. ارتفاع كبير عن المبالغ التي تم تجنيدها عام 2020 والتي وصلت إلى 340 مليون دولار، لذلك الامكانيات الاقتصادية التي تقف وراء الحد من هدر الطعام باتت واضحة أكثر لدى المستثمرين.
على رأس الشركات التي نجحت في تجنيد أكبر المبالغ هي شركة Apeel Sciences, التي جندت 250 مليون دولار في عام 2021. هذه الشركة طورت طريقة لاستعمال المواد الطبيعية الموجودة في قشور وبذور الخضار والفواكه المختلفة من اجل صناعة "قشور" شفافة اضافية لتغليف الخضار والفواكه بهدف مضاعفة فترة الحفاظ على جودة الخضار والفواكة طازجة ولذيذة.
الشركة الثانية هي Misfit Market التي نجحت في تجنيد 225 مليون دولار عام 2021, وفق هذه الشركة فإن ثلث المحاصيل الزراعية في الولايات المتحدة لا يتم شحنها إلى المستهلك لأنها لا تفي بالمعايير الاصطناعية التي يلتزم بها أصحاب المصالح التجارية، فبدلًا من هدر هذه الفواكه والخضار ذات الجودة ورميها تقوم هذه الشركة بتسويقها ضمن حملة تنزيلات.
الشركات الثماني التالية في الترتيب تشمل شركة التي طورت كيسًا يحافظ على جودة الخضار والفواكه من خلال افراز مواد بشكلٍ بطيء التي تمنع النضج والتعفن، أربع شركات أخرى يعملون على التبرع للجمهور او بيع فائض الطعام من الخضار والفواكه. شركة اضافية التي تصنع مساحيق مغذية من الفواكه والنباتات التي ليس عليها طلب من قبل المستخدمين.
شركتين تكنولوجيين يستخدمون برامج متطورة وادوات مراقبة وتتبع بهدف توقع مدى صلاحية المنتجات بطريقة ناجعة ومعرفة كميات الطعام التي يتم هدرها من أجل الحد من ذلك مستقبلًا.
في الاشهر الاولى من العام الحالي (2022) موجة الاستثمار للحد من هدر الطعام آخذه بالارتفاع، حيث استثمرت شركة Relex- 568 مليون دولار (اكتر من جميع الاموال التي جندتها جميع الشركات عام 2021). حيث قامت شركة Relex بتطوير نظام بناء اصطناعي الذي يمكنه توقع كمية استخدام المستهلك من اجل منع شراء مواد غذائية فائضة عن حاجة المستهلك ليتم أتلافها فيما بعد.
اضافت بيتمن: " انني اطمح لليوم الذي تصل به الشركات الناشئة إلى كل ما يخص استهلاك الغذاء ويتحول الامر كجزء طبيعي في هذا المجال، حتى يصبح الأمر سهل وبسيط وغير مكلف للمستهلك من جهة ولاصحاب المصالح التجارية الكبيرة من جهة أخرى".
الحد من هدر الطعام بداية من اليوم
لتكون التطورات المختلفة جزء من حياتنا اليومية، هناك خطوات عديدة يمكن لجهات مختلفة ان تتبعها من أجل الحد من ظاهرة هدر الطعام، أحد أبسط وأهم هذه الخطوات والتي تتبعها العديد من دول العالم هي تسعير المنتوجات بطريقة ديناميكية: من خلال هذه الطريقة يتم بيع المنتوجات بأسرع أوفر وأرخص كلما اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها.
بخصوص هذه الطريقة قالت بيترمن انهم توجهوا لأصحاب المصالح التجارية لتبني هذه الطريقة في بيع المنتجات حيث قوبلت بالرفض لأن المصنعين الكبار في السوق التجاري يعوضون اصحاب المصالح على البضائع التي لا يتم بيعها ولهذا السبب المصالح لا تتضرر مادية من انتهاء صلاحية المنتجات التي يتم رميها في نهاية المطاف، حيث اكدت بيترمن "ان هذا الوضع يحب ان يتغير من خلال نظام معيين يُلزم اصحاب المصالح او من خلال ضغط جماهيري".
في جميع الحالات كل شخص فينا يمكنه أن يقلل من كميات هدر الطعام من خلال عدة خطوات بسيطة، وهي:
1. زيادة الوعي لهذه القضية. "جميعنا نظن اننا نهدر كميات قليلة من الطعام، لكن هذا غير صحيح- يجب على الجميع أن يتحقق من نظامه في المشتريات والطهي" قالت بيترمن.
2. الانتباه إلى مدى صلاحية المنتجات. حيث قالت بيترمن، "علينا ان نفهم انه إذا كتب على المنتج -مفضل الاستخدام قبل- فهذا لا يعني ان المنتج تالف ولا يمكن استخدامه وهنا يدور الحديث عن جودة المنتج ويمكن استخدامه بشكل أمن، خلافًا عن تاريخ انتهاء الصلاحية حيث يتم كتابه -الاستخدام حتى- ويجب عدم استخدام والمنتج".
3. اختيار اين نستثمر اموالنا. " إذا وجدت مصلحة تجارية تبيع منتجاتها بأسعار أرخص في اعقاب اقتراب انتهاء مدة صلاحية المنتجات أو انها تبيع فواكه وخضروات مختلفة، من المفضل الشراء منهم ودعم هذه المصالح التي تعمل وفق هذا النظام".
4. اصطحاب الأولاد إلى الحقول. تقترح بيترمن " أروهم اين وكيف يتم زراعة البندورة والخس". هناك استهتار كبير في الموارد الغذائية لان الناس لا تدرك الجهد المبذول في زراعتها، الاغلب يظن ان المواد الغذائية ولدت على الرفوف".
5. إدخال الابداع للمطبخ المنزلي. حيث لخصت بيترمن قائلة: " من الممتع استخدام المنتجات المتبقية في المنزل والعمل ببقايا الطعام بما في ذلك عند الطهي مع الاولاد".
يهونتان شير، زاڤيت
تم تحضير المقالة في زڤيت- وكالة أنباء الجمعية الإسرائيلية لعلوم البيئة.
https://www.zavit.org.il
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com