مرّت الذكرى السنويّة التاسعة لوفاة الرئيس الفنزويلي الأممي هوغو تشافيز، قبل مدّة وجيزة.
بهذه المناسبة العالمية، أقامت مؤسسة مركز أوتار في مدينة نابلس بالتنسيق والتعاون مع سفارة جمهورية فنزويلا البوليفارية لدى فلسطين،حفلا تأبينيّا حاشدا في مقر الجمعية الكائن في رفيديا البلد في مدينة نابلس.
بدأ الاحتفال بالسلامين الوطنيين الفنزويلي والفلسطيني والوقوف دقيقة صمت تحية لروح الفقيد الراحل الكبير القائد هوغو تشافيز ولأرواح الشهداء الفلسطينيين.
البرنامج كان زاخرا ومُتنوّعا بالفقرات السياسية والتاريخية والصداقة والفنيّة والرثاء والتأبينيّة والعاطفيّة...فنحن في حضرة ذكرى واحد من رجال أمريكا اللاتينية الكبار العظماء. حفر له اسم بنقوش من نور إلى جانب أسماء عظام من القارة اللاتينية: المُحرّر سيمون بوليفار وخوسيه مارتي (بطل كوبا القومي) وأغسطو سيزار ساندينو (بطل نيكاراغوا القومي) وفارابوندو مارتي (بطل السلفادور القومي)، والتشي غيفارا، الثائر الارجنتيني الكوبي الأممي، وفيدل كاسترو وراؤول كاسترو ولولا دا سيلفا وكريستينا كيرشنر وديلما روسيف وغيرهم .
تعرّفت بصورة شخصية ومباشرة على هوغو تشافيز لأوّل مرّة عام 1998 في جزيرة مارغاريتا التابعة لفنزولا، أثناء انعقاد مؤتمر الجاليات العربية "في آراب" في الأمريكتين.
كنت أنا حينها رئيس الوفد الفلسطيني للمؤتمر، وكان تشافيز في ذلك الحين مرشّحا لرئاسة الجمهورية الفنزولية وجاء إلى المؤتمر وألقى خطابا هاما فيه.
وعندما تعرّفت عليه بعد القائه الخطاب خصّني بمعاملة خاصة حيث احتضنني بقوّة وقال لي: "انقل تحياتي إلى صديقي القائد الرئيس ياسر عرفات وقل له بأنني سافتح سفارة لفلسطين في كراكاس حال نجاحي في الانتخابات...
ونجح في الانتخابات وأصبح رئيسا لجمهورية فنزويلا.
المرّة الثانية التي التقيت فيها مع تشافيز كانت أيضا في جزيرة مارغاريتا الفنزويلية بعد عشرسنوات من اللقاء الأوّل، حيث كنت ضمن وفد فلسطين إلى اجتماع وزراء خارجية واعلام دول عدم الانحياز.
افتتح تشافيز المؤتمر وألقى خطابا طويلا تشبّه فيه بخطابات الزعيم الكوبي فيدل كاسترو الطويلة.وكان واضحا من خطابه وحضوره الطاغي بأن تشافيز أصبح واحدا من زعماء أمريكا اللاتينة المُناهضين لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة والعالم، ومدافع شرس عن قضايا الشعوب العادلة في التحرر والأستقلال والسيادة.، ومن ضمنها وعلى رأسها القضية الفلسطينية العادلة.
المرّة الثالثة التي التقيت فيها مع تشافيز كانت عام 2009 عندما رافقت سيادة الرئيس محمود عباس في زيارته الرسمية إلى بعض دول أمريكا اللاتينية من ضمنها فنزويلا، حيث قمت بترجمة اللقاءات عربي اسباني.
كان تشافيز حينها يبدو بصحة جيدة، قبل مرضه، وكان تعامله حميما مع الرئيس أبو مازن ومع الوفد الفلسطيني، وكانت اللقاءات دافئة ومفيدة وناجحة.
أمّا المرّة الرابعة التي ألتقيت فيها تشافيز فكانت بعد سنتين عام 2011، أيضا ضمن وفد فلسطين المرافق لسيادة الرئيس أبو مازن في زيارته الرسمية لفنزويلا. وقد قمت بترجمة اللقاءات الثنائية.
كان المرض يبدو على تشافيز مع أنه حافظ دائما على تعامله اللطيف والحميم مع الوفد الرئاسي الفلسطيني وما يعنيه ذلك: "فلسطين الذي يدافع عنها تشافيز كقضية تحرر وطني وقضية شعب مظلوم محتلة ارضه".
في حفل التأبين هذا في مركز جمعية أوتار ألقيت كلمة الختام، وتحدثت فيها عن القائد الرئيس تشافيز، وقد القيتها متزامنة باللغتين الاسبانية والعربية بوجود سفير فنزويلا وسفير نيكاراغوا لدى فلسطين.، وعدد كبير من المشاركين والمدعوّين. .
قلت فيها: "ليس من السهل أن نقول وداعا لرجل مثل تشافيز. وهذا الكلام قلته ودوّنته سابقا في سجلّ التعازي في السفارة الفنزويلية في العاصمة المكسيكية عندما أدّيت واجب العزاء حينها كسفير لفلسطين في المكسيك." ليس من السهل أن نقول وداعا للقائد تشافيز لكن نقول له حتى النصر دائما أيها القائد الصديق. إلى النصر دائما.
تشافيز شهيد فنزويلا، شهيد أمريكا اللاتينية، شهيد أممي، لكن أيضا شهيد فلسطيني".
* منجد صالح: كاتب ودبلوماسي فلسطيني
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com