الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 09 / نوفمبر 23:02

شرطة القدس تطمس اتفاقيات أوسلو

بقلم: إيلان باروخ

إيلان باروخ
نُشر: 30/05/22 19:55,  حُتلن: 21:31

أثارت وحشيّة الشرطة أثناء تشييع جثمان المراسلة القديرة لشبكة الجزيرة، شيرين أبو عاقلة، الصدمة والاستغراب حول العالم. لوهلة، وضعت صحيفتا نيويورك تايمز والواشنطن بوست، كما وسائل إعلام أوروبية رائدة، الحرب في أوكرانيا جانبًا وأدرجت في عناوينها الرئيسية الهجوم الصادم لضباط الشرطة ومقاتلي حرس الحدود على حاملي نعش القتيلة. وبلا أدنى شك نتحدث هنا عن ضباط شرطة خرجوا عن نطاق السيطرة.

في اليوم السابق للجنازة، أمر قائد المنطقة، اللواء دورون تورجمان، ضباط الشرطة بمنع رفع الأعلام الفلسطينية في جنازة أبو عاقلة بأي ثمن. كان التعامل الوحشي تنفيذًا لأوامر واضحة.

وتجدر الإشارة إلى أن الشرطة اتخذت منهجًا دون أن يتم اتخاذ قرار سياسي في السياق. ما قبل اتفاقيات أوسلو، اعتُبر رفع علم فلسطين جريمة، وقام كل من الجيش والشرطة بإزالته في كل مكان، أحيانًا باستخدام العنف. في عدة حالات، قُتل شبان فلسطينيون أجبرهم لجنود على التسلُّق على أعمدة الكهرباء لنزع الأعلام. تثور الشكوك، وهذا ليس بالشيء الجديد بالنسبة للواء تورجمان، بأن الشرطة حاولت مرة أخرى إشباع الرغبات السياسية من جانب اليمين المتشدد، داخل وخارج الحكومة، والمتجسدة بإبراز السيادة في القدس، خاصة في البلدة القديمة، وخاصة في ظل تغطية إعلامية عالمية مكثّفة، والتي كانت متوقعة خلال الجنازة.

مع التوقيع على اتفاقيات أوسلو، تم تعليق الحظر المفروض على رفع علم فلسطين، الذي تم قبوله كأحد رموز الحكم للسلطة الفلسطينية في أراضيها. استندت هذه الصلاحية في المقام الأول إلى البند 82 من مرسوم الشرطة الانتدابي، والتي يسمح للمفوض الشرطي "بحظر رفع أو وضع علم أو شعار قد يثير الاضطراب في صفوف الجمهور". عمومًا، لا يتم تنفيذ البند 82. وتجدر الإشارة إلى أنه في عام 2003 - في خضم الانتفاضة الثانية، سمحت المحكمة العليا ببث دعاية انتخابية يظهر فيها علم فلسطين بعد حكم المحكمة عام (1994)، الذي صودق من خلاله على توصية المستشار القضائي للحكومة، بعدم رفع دعوى جنائية ضد رافعي العلم إلا في حالات استثنائية. قرر نائب المستشار القضائي (2014) أنه لن يتم اتخاذ أي إجراء ضد رافعي العلم، إلا في حالات وجود قلق شديد على سلامة الجمهور، أو في حالات واضحة للتعاطف مع منظمة إرهابية.

لكن ابتداءً من عام 2018، في أعقاب المواجهات التي اندلعت ردًا على بيان ترامب، رئيس الولايات المتحدة السابق، بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، قامت الشرطة بتبني إجراءات خاصة بها وحظرت رفع الأعلام، فضلاً عن مهاجمة المتظاهرين الذين كانوا يحملونها واعتقالهم. مورِسَ هذا الإنفاذ المفرط بالأساس ضد الفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية وضد النشطاء الذين يدعمونهم.

هذا التغيير في النهج تم، وفقًا لما هو معروف، على مستوى قيادة الشرطة وبدون موافقة المستشار القضائي للحكومة أو إجراء مناقشة سياسية في الحكومة نفسها. عمليًا، أخذت الشرطة على عاتقها زعزعة الوضع الراهن الذي استمر قرابة 25 عاما، منذ اتفاقيات أوسلو.

علاوة على ذلك، من الجدير بالذّكر بأنه إذا أرادت الشرطة منع رفع الأعلام التي يمكن أن "تثير اضطرابًا في صفوف الجمهور"، لقامت بحظر "رقصة الأعلام" التي تقام كل عام في "يوم القدس" والذي في أساسه يهدف لمضايقة وإغاظة الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية. لكن هنا يدور الحديث عن يمين متشدد، عدواني وعنيف، يتمتع بسطوة سياسية حقيقية ودعم شُرَطِيّ متفانٍ.

من المتوقع أن يقدم النّائب موسي راز (ميرتس) في الأيام المقبلة مقترح قانون بادر له معهد زولات - للمساواة وحقوق الإنسان، يقضي بإلغاء البند 82 من قانون الشرطة. لا يجوز لدولة تسمي نفسها ديمقراطية أن تحظر رفع علم، وهو جزء جليّ من حرية التعبير. وحقيقة أن الشرطة تحرّم ذلك على الفلسطينيين في القدس الشرقية دون الإسرائيليين، تفضح قصّة "توحيد" المدينة".

*إيلان باروخ، سفير إسرائيل سابقًا لدى جنوب إفريقيا، عضو المجلس الإداري في زولات ورئيس "مجموعة العمل السياسية". 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة

.