وثيقة اعلان الاستقلال لدولة فلسطين في الجزائر عام 1988 قالت: "على أرض الرسالات السماوية إلى البشر، على أرض فلسطين ولد الشعب العربي الفلسطيني، نما وتطور، وأبدع وجوده الإنساني والوطني عبر علاقة عضوية التي لا انفصام فيها ولا انقطاع بين الشعب والأرض والتاريخ.
بالثبات الملحمي في المكان والزمان، صاغ شعب فلسطين هويته الوطنية، وارتقى بصموده في الدفاع عنها إلى مستوى المعجزة، فعلى الرغم مما أثاره سِحر هذه الأرض القديمة وموقعها الحيوي على حدود التشابك بين القوى والحضارات، من مطامح ومطامع وغزوات كانت تؤدي إلى حرمان شعبها من إمكانية تحقيق استقلاله السياسي، إلا أن ديمومة التصاق الشعب بالأرض هي التي منحت الأرض هويتها، ونفخت في الشعب روحَ الوطن، مطعّماً بسلالات الحضارة، وتعدد الثقافات، مستلهماً نصوص تراثه الروحي والزمني، وأصّل الشعب العربي الفلسطيني عبر التاريخ تطوير ذاته في التوحد الكلي بين الأرض والإنسان، وعلى خطى الأنبياء المتواصلة على هذه الأرض المباركة، أعلى على كل مئذنة صلاة الحمد للخالق، ودق مع جرس كل كنيسة ومعبد ترنيمة الرحمة والسلام.
ومن جيل إلى جيل، لم يتوقف الشعب العربي الفلسطيني عن الدفاع الباسل عن وطنه، ولقد كانت ثورات شعبنا المتلاحقة تجسيداً بطولياً لإرادة الاستقلال الوطني."
وفي معارضة لما يسمى إعلان "الاستقلال" لليهود إثر احتلاهم فلسطين بدعم كامل من الاستعمار الغربي وعلى رأسه بريطانيا، حيث جاء في اعلانهم المجافي كليًا لحقائق التاريخ:
"نشأ الشعب اليهودي في "أرض" "إسرائيل"، وفيها تمت صياغة شخصيته الروحانية والدينية والسياسية، وفيها عاش حياة مستقلة في دولة ذات سيادة، وفيها أنتج ثرواته الثقافية الوطنية والإنسانية العامة وأورث العالم أجمع سفر الأسفار الخالد. وعندما أُجلِيَ الشعب اليهودي عن "بلاده" بالقوة، حافظ على عهده لها وهو في بلدان شتاته كلها، ولم ينقطع عن الصلاة والتعلق بأمل العودة إلى بلاده واستئناف حريته السياسية فيها".[2]
النص الصهيوني أعلاه قرأه ديفيد بن غوريون رئيس الوزراء الأول ل"إسرائيل" في 14 مايو/آيار 1948. في ذلك اليوم المشؤوم، بات الحلم اليهودي بإنشاء (ما يسمونه) وطن قومي يجمع شتاتهم الموهوم تاريخيًا حقيقة واقعة. ولم يكن تأسيس «إسرائيل» نتاجًا لدعم الاحتلال البريطاني للحركة الصهيونية وتمكينها من إرساء دعائمها على أرض فلسطين فقط، بل كان أيضًا نتيجة لمجهودات شخصيات يهودية وصهيونية بارزة لعبت الدور الأكبر في التأسيس. وفي هذا التقرير نقدم عددًا من أبرز الشخصيات التي ساهمت في تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية.
(سلسلة مقالات حول 13 شخصية ساهمت في تأسيس لكياني الصهيوني على حلقات، وهذه مقدمتها)
بكر أبوبكر
الهوامش:
1-قامت أكاديمية فتح الفكرية بإعداد الملف وتمت الاستفادة أوليًا من فكرة مقال سهير الشربيني حول 10 شخصيات ساهمت في تأسيس "اسرائيل" ، حولناها الى 13 شخصية، وقمنا بإضافات كثيرة متنوعة ذات مصدر، وتعديلات عديدة على الفكرة من قبل الأكاديمية عام 2022م.
2- "استمرارية تواجد الثقافة اليهودية والترابط الاجتماعي بين اليهود عبر العصور ليست لها أية أسباب دينية أوخصوصية عرقية، بل لها صلة وثيقة بالدور الاقتصادي الذي لعبه اليهود في العالم القديم وفي عصر الإقطاع". الماركسي اليهودي البولندي ابراهام ليون (1918-1944م)- روجرز، آن. “المسألة اليهودية”. الفصل 34 من كتاب تقرير اشتراكي. تحرير: ليندزي جيرمان وروب هوفمان. لندن: بوكماركس، 1998. صفحة 280.
[1] قامت أكاديمية فتح الفكرية بإعداد الملف وتمت الاستفادة أوليًا من فكرة مقال سهير الشربيني حول 10 شخصيات ساهمت في تأسيس "اسرائيل" ، حولناها الى 13 شخصية، وقمنا بإضافات كثيرة متنوعة ذات مصدر، وتعديلات عديدة على الفكرة من قبل الأكاديمية عام 2022م.
[2] "استمرارية تواجد الثقافة اليهودية والترابط الاجتماعي بين اليهود عبر العصور ليست لها أية أسباب دينية أوخصوصية عرقية، بل لها صلة وثيقة بالدور الاقتصادي الذي لعبه اليهود في العالم القديم وفي عصر الإقطاع". الماركسي اليهودي البولندي ابراهام ليون (1918-1944م)- روجرز، آن. “المسألة اليهودية”. الفصل 34 من كتاب تقرير اشتراكي. تحرير: ليندزي جيرمان وروب هوفمان. لندن: بوكماركس، 1998. صفحة 280.