استطاع كهنة الديانة اليهودية القدماء أن يسرقوا العديد من الرموز وينسبوها لهم. فلقد كان أولئك الكهنة أول من استخدم الشمعدان الروماني ليكون وكأنه أحد رموزهم، بنفس المنطق الذي سطّروا فيه الكتاب القديم (التناخ التي تضم التوراة والقسمين التاليين من أسفار الانبياء والأناشيد) متضمنا آمالهم وأحلامهم وتطلعاتهم وخرافاتهم، بخليط متكامل مع أحداث تاريخية مسروقة كانت لأمم أخرى أسقطوها على تاريخ جزئي في سياق تواريخ أكبر. وكما سرقوا تاريخيًا نجمة بابل السُداسية لينسبوها للملك داوود كما يرونه.
في العصر الحديث لم يتورّع الصهاينة -الذين يقتدون بأساطير التناخ التاريخية، وبالتطرف والعنصرية- عن سرقة بلد بأكمله، وهو بلدنا فلسطين، وادعاء الملكية له، لذا فلا غرابة أنهم سرقوا الثوب الفلسطيني، وتعدّوه الى الحمص والفلافل وغيره من مكونات التراث العربي الفلسطيني الأصيل.
في ذات الأمر وعلى النقيض مما سبق ونظرًا لأهمية الأيقونات والرموز فإن عصفور الشمس الفلسطيني يعد من أيقونات ورموز الكيان الفلسطيني، كما الأقصى والحرم الابراهيمي، وكما خارطة فلسطين خنجرية الشكل، ومثل حطة (كوفية) أبوعمار التي لفّت العالم، بل وصورته نفسها، وكما الثوب الفلسطيني الجميل المنقوش...الخ.
والى ذلك وباعتبار فلسطين قلب الأمة النابض بجناحيها شاء من شاء وأبى من أبى، فإن ما يربطنا بعالمنا وحضارتنا العربية الاسلامية بالاسهامات المسيحية المشرقية المتميزة الكثير من الرسالة الحضارية الجامعة والمتميزة عن الغرب، والمكان والزمان والجغرافيا والتاريخ والأحلام والتطلعات والأبطال... بل والكائنات التي منها النمر العربي الأبيض الجميل الذي تشارك الحياة بيننا ومعنا في الشام، وسيناء مصر، مع الجزيرة العربية في شرقها (الإمارات وعُمان) وغربها من جبال السروات والحجاز في المملكة العربية السعودية، واليمن.
النَّمِرُ العَرَبي الأبيض الجميل من الحيوانات آكلات اللحوم، وهو نوع من النمور موطنه شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، والنمور العربية هذه حيوانات تقطن الجبال العالية، وهي فاتحة اللون بشكل كبير حيث أن اللون الذهبي المصفرّ والذي يتواجد في العادة بين البقع في معظم أنحاء جسم باقي السلالات لا يتواجد عند هذه السلالة إلا على طول ظهورها، ومن ثم يبهت إلى الأصفر الشاحب أو الأبيض على باقي الجسد. وتتميز بلون عيونها الزرقاء خلافاً لمثيلاتها الأفريقية، والنمر كائن معجون بالكرامة، لا يأكل من صيد غيره ويمشي معتزاً بنفسه كالملك، وينزّه نفسه عن أكل الجيف ، وهو حيوان غضوب، والغريب أن رائحة فم النمر طيبة بخلاف بقية السباع .
من الحري أن نتعلق بكل جوامع الأمة -التي شاء زعماؤها أم أبوا هي أمة واحدة بشعوبها وحضارتها المتميزة عن تلك الغربية المنفلتة- رغم الأرجل المرتجفة عند بعض قادتها المتهافتين اليوم، ورغم القلوب الواجفة عند الآخرين، ورغم الانخراط في تقبيل الأقدام الصهيونية-الغربية.
إننا نتعلق ونحتفي بجوامع الأمة، وهي كثيرة بلا شك، وما النمر الأبيض الا واحدة منها لذلك فمن الحريّ أن نجعل هذا النمر أيقونة من أيقوناتنا، ونحتفي به أيضًا باعتباره أحد عوامل الجمع المعنوي والأيقوني للأمة في سياق متصل نعتز به وبيومه الذي اعلنته المملكة العربية السعودية في العاشر من فبراير كل عام.
إن النمر العربي الأبيض هو رمز الكرامة والإباء العربي كما هي حقيقة صفات هذا النمر الشجاع، وهي الكرامة التي التي تتجلى يوميًا بالمناضلين العرب الفلسطينيين الذين هم طليعة هذه الأمة في مواجهة الخطر الصهيوني نحو التحرير والوحدة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com