عقدت رابطة الكتاب الأردنيين يوم الإثنين 25.07.2022 ندوتها الدورية المخصصة لمناقشة الأعمال الأدبية لأسرى يكتبون خلف القضبان، وجاءت الندوة الخامسة والعشرون لتناقش رواية "العاصي" للأسير المقدسيّ سائد سلامة.
أدار اللقاء الأستاذ محمد أبو علي من مقر رابطة الكتاب الأردنيين في عمّان، وبحضور عدد من أعضاء الرابطة، وشارك فيها نخبة من الكتاب متحدثين عن الكتاب عبر تطبيق زوم، وهم: الروائي سيد نفاع، والأديب صالح حمدوني والمحامي الحيفاوي حسن عبادي، وختمت بكلمة لشقيقة الأسير سهاد عبيدات.
بدأ مدير الندوة كلامه وقدم شرحا موجزا عن سيرة حياة الأسير وإنجازاته الأدبية وتناول نبذة عن الرواية مبديًا إعجابه بها وأشار إلى رؤية ورؤيا الكاتب الذي يعوّل على جيل ما بعد أوسلو العابر للفصائل.
بدايةً كانت مداخلة للروائي سيد نفاع (الأمين العام للكتّاب الفلسطينيين الكرمل 48) وجاء فيها: "الأسير ليس فقط مناضلا ورمزا للتضحية بأغلى قيمة لدى الإنسان، حريّتِه. الأسير صاحبُ القضيّة شعلةٌ من الإنسانيّة، لا تنطفئ حين يتمنطق البندقيّةَ ولا في ظلمات أعتى الزنازين. هذه الإنسانيّةُ بكلّ أشكالها كانت حبلَ الوريد الرّابطَ بين كلّ النصوص التي أبدعها سائد وراء القضبان، بمواطنِ قوّتها وبمواطنِ ضعفها." وأضاف: "أن يقيّضَ لك أن تتداخلَ في إبداع أسيرٍ ليس أمرًا مفروغًا منه بحدّ ذاته، وأجدُني أعود اليومَ وسائد سنوات إلى الوراء، حينها كتبتُ في سائد:
"أن يُقيّضَ لك أن تكتب تقديما لإبداع وجد الطريق إلى الحريّة، وما زالت الحريّةُ أمنيةً بعيدةَ المنال للمُبدعِ، الأسيرِ، ليس بالأمر التقليديّ ولا العاديّ. ولكنّك تجد نفسَك مفعما بكلّ الأحاسيسِ الجيّاشةِ والحيرةُ سيّدةُ عقلك وقلمك."
وفي قراءة موسعة للأديب صالح حمدوني عنونَها "الواقع الفلسطيني من الأسفل" يتساءل فيها: "من العاصي إذًا؟ الواقع الذي يمارس القهر والتدجين والتهجين أم الفصائل التي تخلت عن دورها في تنظيم الشباب وعملهم النضالي الضروري لمواجهة العدو؟ هل العاصي هو ساري الذي رفض الذلّ والمهانة أم كل أولئك الذين رفضوا تقديم يد العون والدعم لشخص قام بواجبه ودوره الطبيعي؟ هذه الرواية تتجرأ على إدانة الواقع الفلسطيني". وأضاف: "لغة الرواية واضحة وبعيدة عن التعقيد والاستعراض والافتعال مما أكسبها صدقا وجعلها أقرب للقارئ الذي سيتفرغ للتركيز في موضوعها".
وفي كلمة لشقيقة الأسير سهاد عبيدات شكرت فيها رابطة الكتاب الأردنيين على جهودها المميزة في دعم الحركة الأسيرة وأدب الأسرى، كما قدّمت شكرها للمتحدثين في الندوة وقرأت ما كتبه سائد: "كم كنت أتمنى أن أشارككم نقاش روايتي... هذا النص الذي اكتنزت كلماته وحروفه بمختلف صنوف العذاب والمعاناة التي تتكرّر يوميًا في حياة الفلسطيني الأسير... أعانقكم بحرارة وأشعر بأن هذا اليوم هو ومضة نور ساطعة في دهاليز السجن، هو جزء من حريّتي وحريّة شعبي القادمة لا محالة، والتي لا مقابل لها إلا ذاتها".
وفي مداخلة للمحامي الحيفاوي حسن عبادي شكر رابطة الكتّاب الأردنيين على تبنّيها للمبادرة ورعايتها لها وصارت الحاضنة الرئيسة والمنبر لأدب الحريّة، وأضاف: حدّثني سائد حين التقيته بحَرقة عن ثقل الفقد والحرمان، وعن ظُلم ذوي القُربى ومضاضته القاسية المؤلمة. الكتابة نتاج احتقان داخليّ قاتل، ومحاولات تدجين الحركة الأسيرة تمامًا كما هو هناك خارج القضبان، محاولات القمع التنظيمي والانهيار القيَمي، تصوير السجن كأكاديميّة ما هو إلّا تجنّي على الحقيقة، سحق المنظومة. إنّها مرحلة مفصليّة يجب توثيقها لئلا تضيع الطاسة ويروح الصالح بعزا الطالح، يذهب نضال ذاك المناضل سدًى". وأضاف: "جاءني حين قرأت الرواية مقولة غسان كنفاني: "يسرقون رغيفك... ثم يعطونك منه كِسرة... ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم.. يا لوقاحتهم" وكاريكاتير ناجي العلي الذي يحمل نفس المقولة".
هذا وشارك الناقد رائد الحوار بمداخلة أشاد فيه بأسلوب الرواية وجرأة صاحبها الذي وجّه النقد للشعب الفلسطيني وليس فقط للسلطة وتناول رمزية الحصان والشجرة والسير في الاتجاه المعاكس.