دار الإفتاء والبحوث الإسلامية
البيان الشَّرعي ُّرقم (41) – شهر الله المحرّم أوَّل شهور السَّنة الهجريَّة وأحد الأشهر الحُرُم، ومن السُّنّة الإكثار من الصِّيام فيه
دار الإفتاء والبحوث الإسلاميَّة في الدَّاخل الفلسطينيِّ 48:
• الأشهر الحرم أربعة وإحداها شهر الله "المحرّم".
• شهر محرَّم هو أوَّل الشُّهور العربيَّة في السَّنة الهجريَّة.
• من السُّنّة الإكثار من الصِّيام في شهر محرَّم.
• تؤكِّد السُّنّة صيام يوم عاشوراء في شهر محرم، وهو اليوم العاشر منه.
• يجوز صوم يوم عاشوراء منفردًا، ويجوز صوم يومًا قبله، أو يومًا بعده.
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه واتّبع هداه بإحسان إلى يوم الدِّين، وبعد؛
أوَّلًا: شهر الله المحرّم هو أحد الأشهر الحرم الأربعة قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ..} (الآية 36 سورة التوبة).
وفي صحيح البخاريِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ).
ولهذه الأشهر الحرم حرمة ومكانة وقداسة وعظمة عند الله، يتأكَّد فيها الحرام بشِّدة عن باقي الشُّهور، وتضاعف فيها الحسنات كما تضاعف فيها السَّيئات.
ثانيًا: شهر محرَّم هو أول الشُّهور العربيَّة في السَّنة الهجريَّة، وقد نسبه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إلى الله تعالى فأخبر عنه أنَّه شهر الله المحرَّم، ولعلَّ اختيار هذا الشَّهر وبهذا المسمَّى ليكون بداية العام الهجريِّ كلَّ سنة هجريَّة جديدة لمزية التَّأكيد من بداية العام على تجنُّب الحرام والقتال والنِّزاع والعدوان، والانتهاء عمَّا نهى الله ورسوله، وكما جاء في صحيح مسلم: قال رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: (ما نَهَيْتُكُمْ عنْه فَاجْتَنِبُوهُ، وَما أَمَرْتُكُمْ به فَافْعَلُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ، فإنَّما أَهْلَكَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ، كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ). فالسَّمع والطَّاعة تتأكد في تجنُّب المنهيات والمحرَّمات في هذا الشَّهر.
ثالثًا: من السُّنّة الإكثار من الصِّيام في شهر محرَّم، وقد استنهضت النُّصوص الصَّحيحة من السُّنَّة النَّبويَّة الهمم نحو الصِّيام في هذا الشَّهر المحرَّم، ومنها ما جاء في صحيح مسلم قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ).
رابعًا: تتأكَّد سُنَّة صيام اليوم العاشر من شهر محرم، والمسمى" عاشوراء"، وسبب ذلك ما رواه البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ). وقد ثبت فضل صيام يوم عاشوراء أنَّه يكفِّر صغائر الذُّنوب سنة كاملة.
خامسًا: يجوز صوم يوم عاشوراء منفردًا، ويجوز صوم يومٍ قبله، أو يوم بعده. ولو صادف يوم عاشوراء يوم الجمعة فيجوز صيامه منفردًا بنِّية صوم يوم عاشوراء، ويستحبُّ الصَّيام قبله بيوم أي اليوم التَّاسع لما روى مسلم في صحيحه عن عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: (حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ. قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). وذكر بعض أهل العلم أنَّه يجوز أن يصوم يومًا بعده أي يوم الحادي عشر. وكلُّ ذلك يدخل في السُّنن والمستحبات، ومن صامه منفردًا كان صومه صحيحًا ونال ثواب الصَّوم.
(تنويه هامٌّ: البيانات الَّتي تصدر عن دار الإفتاء موجَّهة على وجه الخصوص لفلسطينيي 1948 فقط).
للاستفسار والتواصل:
الشَّيخ رائد بدير، رئيس دار الإفتاء: 0522226721
الشَّيخ د. محمد بدران، مدير دار الإفتاء: 0525820522
الشيخ مروان ابو جابر: 0533308644
الخميس 29 ذو الحجة 1443ه الموافق 28/7/2022 م.