ليس بعيداً عن الفوضى السياسية التي يعيشها العراق والمصاحبة لأنفلات أمني مزمن ،يشعل فتيله تسريبات صحفية لقوى سياسية معارضة لبعضها البعض ، اليوم ، يمكن القول أنه من الواضح انه وبعد 19 عاماً من الغزو الأمريكي – الصهيوني للعراق ويشراكة من بعض العرب وبعض قوى أقليمية أن مؤامراة الحرب على العراق قد حققت الكثير من اهدافها للأسف،وهذه الاهداف تعكس بشكل أو بآخر حجم المخططات التي كان من المطلوب تحقيقها بالعراق من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية ، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الامنية والعسكرية والجيو-سياسية للجغرافيا السياسية العراقية وموازين القوى في الإقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن “ الكيان الصهيوني” والطاقة وجملة مواضيع اخرى ،وهذا ما يوحي بمسار تعقيد شائك دخله الداخل العراقي .
اليوم، لا يمكن الحديث أبداً عن حلول تجميلية لنتائج وتداعيات ما بعد الغزو، ولا يمكن كذلك إلقاء اللوم على أمريكا وبعض حلفائها الذين شاركوا بمؤامراة اسقاط العراق، فواشنطن تعترف دائماً بشكل مباشر أو غير مباشر أن استراتيجيتها للحرب على العراق هدفها ضرب الوحدة الجغرافية والديمغرافية للداخل العراقي ما يسهم بتسهيل مشروع تقسيم العراق وإن أخفت وأنكرت ونفت هذا الحديث ،والسؤال أين كان العراقيون من هذا المشروع الذي يستهدف وطنهم !؟، وهنا طبعاً لأمريكا مصلحة خاصة بتقسيم العراق وتفتيته خدمة لمشاريعها التفتيتيه التي تخدم بالضرورة المشروع الصهيو ـ اميركي بالمنطقة العربية.
العراق الجريح بجغرافيته وديمغرافيته منذ 19 عاماً من غزو التحالف الأمريكي – الصهيوني وبشراكة من بعض العرب ،مازال غارقاً بالفوضى والفساد والصراع الداخلي المدعوم باجندة خارجية ،ولم نرى للأن تلك الوعود الأمريكية تتحقق والتي وعدت العراقيين بالديمقراطية والرفاهية والاستقرار والامن ،وو…ألخ ،واليوم بعد 19عاماً نرى ببساطة تلك الوعود الأمريكية تتحقق من خلال حالة رهيبة من الفساد والظلم والصراع على الحكم والقهر والفقر والجوع والتشريد تجتاح العراق .
اليوم ،وعند الحديث عن الداخل العراقي وهم الأهم ومحور حديثنا هنا، فما زال مسار الصراع على الارض العراقية منذ 19 عاماً يلقي بظلاله المأساوية والمؤلمة بكل تجلياتها على المواطن العراقي المتأثر في شكل مباشر من نتائج الغزو ومساراته الملتويه، فما زالت نار الحرب تضرب بقوة بمجموعها كل مقومات العيش بحده الأدنى للمواطن العراقي وبخاصة بمناطق غرب وشمال غرب وجنوب العراق،والناظر لحال الكثير من العراقيين اليوم داخل وخارج العراق، يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن العراقي، فاليوم بالعراق هناك مدن بأكملها لا يوجد بها لا ماء ولا كهرباء ولا حتى طحين، وان وجد الطحين يوجد في شكل مقنن ويستفيد منه في شكل واسع ما يسمى “بتجار الأزمة أو بتجار الحرب العراقيون ” لا فرق بذلك كما يقول العراقيون، فهؤلاء هم جزء من الحرب ومن منظومة الحرب في العراق، ولكن بوجوه وصور مختلفة، ومن هنا، فالواضح من حجم الدمار الهائل والخراب والدماء التي دفعها العراقيون كنتيجة لما يجري في العراق منذ 19عاماً ، ان الخاسر الوحيد منه ومن كل ما يجري في العراق هو الشعب العراقي والشعب العراقي فقط .
ختاماً، ان تطورات الاحداث في العراق منذ 19 عاماً ،تؤكد بما لا يقبل الشك ان مسار وتداعيات مؤامرة اسقاط العراق قد انعكس بشكل مباشر على العراقيون وعلى المنطقة العربية والاقليم بمجموعه ،والرابح الوحيد هو الكيان الصهيوني ، وهنا أود أن أطرح سؤالاً ليترك برسم الإجابة عند العراقيون، ومضمون السؤال هنا موجه لكل مواطن عراقي على امتداد الجغرافيا العراقية وخارج هذه الجغرافيا، وهو، العراق الى أين يتجه بعد 19عاماً من الغزو الأمريكي – الصهيوني ؟ ،وأين هي وعود الحرية والديمقراطية والرفاهية والأمان والأستقرار التي وعدتكم بها أمريكا !؟.
*هشام الهبيشان : كاتب وناشط سياسي – الأردن.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com