في الأسبوع الماضي تحدثت وسائل إعلام عبرية عن قيام الامارات بتمويل بناء ملعب لكرة القدم في كفر قاسم يحمل اسم (خليفة) يتسع لثمانية آلاف مقعد، ومن المتوقع البدء بتنفيذ هذا الشروع في الأشهر القليلة المقبلة. عيساوي فريج وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية هو مصدر الخبر، وهو الذي تحدث "بافتخار" عن صفقة سيتم إبرامها بين رجل أعمال إماراتي مقرب من الحكومة الإماراتية، ونادي كرة القدم هبوعيل تل أبيب لشرائه بالكامل. الغريب في الأمر أن الخبرين يتزامنان في وقت واحد وأن الخبرين أيضأ مصدرهما الوزير فريج.
الأمر الأكثر غرابة أن الإمارات لم تنف خبر صفقة شراء نادي كرة القدم، لكنها نفت بشكل قاطع أن لا علم لها ببناء ملعب كرة القدم في كفر قاسم. فقد سارعت السفارة الإماراتية في إسرائيل إلى نشر تغريدة على منصة "تويتر" أكدت فيها "أن الإمارات لم تتعهد ببناء ملعب في كفر قاسم أو في أي مكان آخر في إسرائيل لكنها تلتزم بالتواصل مع كافة أطياف المجتمع في دولة إسرائيل" حسب قولها. هذا يعني أن سفارة الإمارات تعتبر فريج كاذبا وتطلب من الجمهور عدم تصديق أي شيء ينشر عن نشاط إماراتي في إسرائيل مصدره غير إماراتي. وهذا يتبين أيضا من فحوى التغريدة التي جاء فيها" أن سفارة الإمارات هي المعنية بالإعلان عن النشاطات أو الفعاليات ذات الصلة". يعني فريج خارج الموضوع على ذمة السفارة.
لا أدري من يكذب على الآخر: السفارة أم فريج. وبما أن فريج لم يرد على موقف سفارة الإمارات بتكذيبه بكل وضوح، فإننا مجبرون في هذه الحالة على تصديق السفارة. لكن من جهة أخرى ما مصلحة فريج في نشر هذه الأخبار؟ ثم، وكما ذكرنا في تحليل سابق، لماذا تم تكليف قام فريج بهذه الوساطة وهو ليس وزيراً يهودياً؟
الأمر الأكثر غرابة وكما يبدو أن فريج لا يعرف (أو تجاهل) تاريخ كفر قاسم، التي شهدت في العام 1956 مجزرة أسفرت عن استشهاد 51 فلسطينيا. هذه العملية الإجرامية لن ينساها الفلسطينيون مطلقاً، والآباء يعلّمون الأولاد والأحفاد عن التاريخ الإجرامي للصهاينة في فلسطين.
ولنفترض أن خبر بناء الملعب صحيحاً، فقد كان من الأفضل للوزير العربي وبالأحرى الوزير الإسرائيلي عيساوي فريج، أن يعمل شيئاً آخر لكفر قاسم، إذا كانت نيته تقديم خدمة لها. كان احترامه سيكون كبيرا عندي وعند كل الفسطينيين لو أقنع فريج الإمارات بتمويل بناء متحق كبير في كفر قاسم لتخليد ذكرى شهداء المجزرة، وليس بناء ملعب على أنقاض الضحايا لطمس جرائم الصهاينة.
الوزير الإسرائيلي فريج يدافع عن الإمارات بما يتعلق بالصفقتين. فقد قال "ان الامارات لا تفكر بالمال، و ان المال ليس مشكلة بالنسبة لها." نعم، أنا أصدق فريج بأن الإمارات لا مشكلة لديها مع المال، فهي التي قامت ببناء احياء لليهود فيها، وفتحت معابد لهم ، ورفعت حجم التبادل التجاري مع إسرائيل الى اكثر من مليار دولار، وعقدت اتفاقيات امنية وعسكرية معها. واليوم توسعت هذه العلاقة لتشمل طمس مجازر ومذابح وجرائم العصابات الصهيونية وكفر قاسم مثال على ذلك.
تصوروا أن مرتكبي مجزرة كفر قاسم صدر بحقهم العفو الشامل، والأنكى من ذلك أن المحكمة (الصورية) في ذلك الوقت حكمت على قائد العملية بتغريمه قرشا واحدا فقط ، والإمارات تستكمل اليوم الاستهانة بالدم الفلسطيني.