سياسيا: أبو مازن والآخرون..| بقلم: حميد قرمان

حميد قرمان
نُشر: 01/01 09:54,  حُتلن: 13:55

دائما ما أحاول ان أتناول الفكر والطرح السياسي للرئيس محمود عباس، بعيدا عن مستنقعات التملق والتزَلُّف.. كون أن الرجل لا يزال في سدة الحكم.

فالواقعية السياسية التي انتهجها ابو مازن سواءً في قراراته أم خطاباته.. بعيدا عن لغة الشعارات الحنجرية التي اُستهلكت مفرداتها خطابات تيارات "الغوغائية" بحثا عن شعبويات فارغة؛ بعيدا عن طرح سياسي يتلائم مع الواقع المحيط بالشعب الفلسطيني، مستغلّين حالة الإقليم المتخبّط سياسياً من أجل تحقيق منافع تنظيمية تخدم أجندات بعض الدول في المنطقة.

فلم يكن خطاب ابو مازن السياسي.. نابعا من البحث عن الإثارة السياسية أو تهييج الشارع الفلسطيني، أو التلاعب بمشاعره الوطنية والقومية، أو تعبوي معتمد على الأوهام والوعود بطريقة دعائية ساذجة، بل أكثر من ذلك.. لم يتأثر ولم ينقاد خطابه يوماً بحالة الشارع ومزاجه السياسي، فالزعيم الحقيقي يقود.. لا ينقاد من قبل الجماهير، ولا يركب الموجات الجماهيريّة ويتملّقها بحثاً عن شعبية مزيّفة.

وهنا.. سأتناول تصريحاته الأخيرة في ألمانيا على سبيل المثال لا الحصر.. حول موضوع الهولوكوست والمذابح التي ارتكبها "كيان الاحتلال" بحق الفلسطينيين، والمستمدة من أطروحاته وإصداراته السياسية وكتبه، فكتاب "الوجه الآخر: العلاقات السرية بين النازية والصهيونية" وهو في الأصل رسالة دكتوراة تقدم بها الرئيس عباس عام 1982 لمعهد موسكو.. يتناول بعمق حقائق حول المحرقة النازية (الهولوكوست) كونها "مؤامرة صهيونية"، تم التضخيم والمبالغة فيها بهدف تأجيج الانتقام ضد اليهود من خلال توسيع دعاية الإبادة الجماعية الخاصة بهم، واعتمدها كنظرية قائمة على التضحية باليهود من قبل أنظمة الحكم في أوروبا آنذاك، وتقديمهم كبش فداء للنازية كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية واستعمارية، كما يتطرق الكتاب أيضا إلى ملامح الفكر الصهيوني ومنطلقاته وأهداف القومية اليهودية.. القائمة على عزل اليهود عن الشعوب التي ينتمون إليها.. كشكل من أشكال العنصرية اليهودية المقيتة.

ليست هذه المرة الأولى التي يتناول فيها الرئيس أبو مازن موضوع الهولوكوست وجرائم الاحتلال ومذابحه التي أرتكبها بحق الشعب الفلسطيني، وليست المرة الأولى التي يهاجم بها من قبل الأوساط السياسية الإسرائيلية، وليست المرة الأولى التي يتهم بها بمعاداة السامية.. ففي خطابه امام المجلس الوطني الفلسطيني عام 2018.. واجه الرئيس عباس اتهامات باستخدام تعابير معادية للسامية بعد أن وضّح بأن الهولوكوست في أوروبا ضد اليهود ليست بسبب دينهم بل بسبب الدور الذي لعبه يهود أوروبا على الصعيد الاقتصادي، كذلك الأمر.. في حزيران عام 2016 عندما أعلن في خطابه أمام البرلمان الأوروبي؛ ان حاخامات طلبوا من الحكومة الإسرائيلية “تسميم المياه لقتل الفلسطينيين”.


مجددا.. يعمل الرئيس الفلسطيني على إثبات حقيقة جرائم كيان الاحتلال وربطها بقضية الهولوكوست كامتداد عنصري متشابه بين النازية والصهيونية، فالعالم لم يكن يسمع خطاباً فلسطينياً الا إذا اقترب هذا الخطاب من محرّماته وأثار حفيظته.. فرأينا كيف ان العالم لم يلتفت لجولة التصعيد الأخيرة في غزة بل برّر أفعال كيان الاحتلال واعتبرها "دفاعية" كحق مشروع لهذا الكيان، في المقابل هبّ مندداً تصريحات الرئيس أبو مازن الذي اقترب من محرّماتهم. 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة