الكاتب والأديب محمّد علي طه
من أنا كي أجرؤ وأقول إنّ مستر جو بايدن رئيس الولايات المتّحدّة الأمريكيّة، الدّولة الأعظم عسكريًا واقتصاديًّا في عالمنا ولها أنياب في مجلس الأمن يكذب. لا يجوز لي أن أكتب ذلك في هذا الزّمن لأنّ معاليه يُعلن للقاصّي وللدّانيّ بأنّه صهيونيّ منذ نعومة أظافره، وأنا أعيش في الدّولة الّتي تفخر ليل نهار بأنّها واحة الدّيموقراطيّة في هذا الشّرق الديكتاتوريّ وجعلت حريّة الرّاي أضيق من سمّ الخياط منذ 7 أكتوبر، كما أنّ ماما أمريكا أمّ الدّيموقراطيّة قرّرت أنّ كل من يخاصم الصّهيونيّة لا ساميّ وينتظره السّجن حتّى يهلك عظمه.
لا يحق لواحدٍ مثلي ابن فلّاح عربيّ أن يتّهم مستر بايدن بالكذب وبخاصّة أنّه رجل عجوز وقد حثّت تربيتنا القوميّة والدّينيّة على احترام كبار السّن حتّى لو كذبوا، فكيف إذا كان هذا الختيار هو صاحب الكلمة الفصل في عالمنا، ولولاه لما قعد ملكٌ عربيّ أو سلطانٌ عربيّ أو أميرٌ عربيّ أو رئيسٌ عربيّ على عرشه ليومٍ واحد، كما تفاخر مثل الدّيك الرّوميّ على مزبلة الشّرق الأوسط مستر دونالد ترامب الرّئيس الأمريكيّ السّابق والرّزين جدًّا.
الرّئيس جو بايدن هو رئيس أمريكا الّتي طمست ومحت ومحقت سكّانها الأصلانيّين والّتي اخترعت الإبادة الهيروشيميّة، إبادة الانسان البريء في اليابان والفيتنام وكوريا والعراق وأفغانستان وهلمّجرّا. وهو رئيس أمريكا الّتي سيطرت على قارّات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللّاتينيّة وعلى القارّة العجوز أوروبا بعد أن ابتلعت الثّقافة الأوروبيّة والاقتصاد الأوروبيّ وما شبعت. مستر جو بايدن رجل ديموقراطيّ جدًّا وانسانيّ جدًّا وغاضب جدًّا وزعلان جدًّا لما فعلته حماس في غلاف غزّة، هؤلاء الدّواعش يقتلون ويذبحون ويحرقون ويغتصبون ويحبّون الموت كي يدخلوا الجنّة ويتزّوج الواحد منهم 70 حوريّة في ليلة واحدة.
قلب الرّئيس جو بايدن يتفطّر حزنًا وألمًا على مليونيّ فلسطينيّ من غزّة وخانيونس وجباليا والشّجاعيّة والنّصيرات وبيت حانون وبيت لاهيا ورفح، ومن المخيّمات الّتي محاها الطّيران، ومن القرى الّتي كانت عامرة وحولتها الدّبابات الى خراب، ومن عشرات آلاف البيوت الّتي حوّلتها الأسلحة الأمريكيّة العصريّة الى دمار.
كبد الرّئيس جو بايدن ينزف حزنًا ووجعًا على آلاف الأطفال وآلاف النّساء الّذين قتلتهم الأسلحة الّتي نقلتها مائتا طائرة أمريكيّة من أمّ العالم الحرّ الى نقطة صغيرة على الكرة الأرضيّة اسمها قطاع غزّة، وهو يحتجّ بلسانه على قتلهم، ويرى أنّ العدد كبير ويُزعج الأصدقاء في روما وباريس وبرلين ومدريد والرّياض ودبي وكازبلانكا، وحبذّا لو كان العدد أقلّ ببضعة آلاف فقد زوّدها صديقه وحبيبه وربيبه!
يُزعج المستر جو بايدن مئات الجرحى من الغزّيّين الّذين يفارقون الحياة لعدم توّفر العلاج الطّبيّ، وحبذّا لو أنّهم ماتوا منذ القصف واستراحوا وأراحوا.
رئيس الدّولة الأعظم غاضب فبعد أن نعت حركة حماس بداعش وحاول أن يرسّخ نعته في الإعلام العالميّ يأتي إعلاميّ اسرائيليّ متديّن في القناة 13 اسمه يحزقيليّ ويطلب قتل مائة ألف فلسطينيّ في اليوم. شو هذه التّياسة؟ هذا الكلام جريمة حرب يا حمار. هذا الكلام يحرج الرّئيس جو بايدن.
والرّئيس بايدن لا يكذب فهو لن يرتاح الّا بعد القضاء التّام على حماس وإعادة جميع المخطوفين ولن يكون وقف لإطلاق النّار إلّا بعد مقتل السّنوار وزميله ضيف تمامًا مثلما قتل الرّئيس الأمريكيّ الأسبق الإرهابيّ ابن لادن.
الرّئيس جو بايدن يتناول طعامه بملاعق من ذهب وماس ويحزن على مئات الأطفال الغزّيّين الّذين يحلمون بكسرة خبز كما أنّه ينام على فراش وثير ويحزن قليلًا على مليونيّ غزيّ ينامون في العراء وفي برد الشّتاء القارس. معذرةً، الرّئيس جو بايدن لا يكذب. وبلطافةٍ هو لا يقول الحقيقة فقط. ومن أنا كي أجرؤ وأقول أنّه يكذب؟ معاذ الله! الرّئيس يبكي على أطفال غزّة ونسائها وشيوخها وعصافيرها وطيورها وبيوتها لأنّه انسانيّ جدًّا ولكن ماذا يفعل هذا الرّجل العجوز وشعب غزّة كما يراه بعينيه مجموعة من الدّواعش، والمثل يقول: العتب على النّظر.!