نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقابلة مع القيادي الفلسطيني السابق محمد دحلان، حيث سافر مراسلا الصحيفة آدم راسكون، وباتريك كينغزلي إلى أبو ظبي، للقاء القيادي في مجمعه داخل قصر تملكه العائلة الحاكمة في أبو ظبي.
وقال المراسلان إن دحلان قدم نظرة عما يفكر به القادة العرب في حواراتهم الخاصة بشأن خطط ما بعد نهاية الحرب، مشيرين إلى أن قلة من القادة العرب تجرأوا على تقديم خطط علنية بشأن مستقبل القطاع المحطم، خشية اتهامهم بالمصادقة على أفعال إسرائيل.
وقدم دحلان المستشار لرئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، واحدة من الخطط التي تقوم فيها إسرائيل وحماس بتسليم السلطة لزعيم فلسطيني مستقل يكون قادرا على إعادة إعمار غزة وبحماية قوات حفظ سلام عربية.
وفي الوقت الذي تواجه فيه الخطة تحديات، إلا أن قادة مصر والإمارات والسعودية مستعدون لدعم عملية قد تقود إلى دولة فلسطينية، كما يقول دحلان الذي يقيم أيضا علاقة قوية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
واجتمع مسؤولون من ست حكومات عربية في السعودية الأسبوع الماضي لمناقشة مستقبل غزة والحاجة لوقف إطلاق النار، حسب مسؤولين فلسطينيين، تحدثا بشرط عدم ذكر اسميهما.
وحسب الخطة التي تحدث عنها دحلان، والتي عبر عن مثلها القادة العرب في أحاديثهم الخاصة، فسيتم تعيين زعيم فلسطيني ليقود غزة وأجزاء من الضفة الغربية والواقعة تحت السلطة الوطنية الفلسطينية التي يتزعمها محمود عباس (88 عاما) والذي قال إنه سيتولى منصبا شرفيا. وقال دحلان: “لا عباس ولا حماس… ناس جدد سيقودون السلطة الوطنية”.
وتتميز علاقة دحلان مع عباس بالتوتر وظل على مدى السنوات الماضية معزولا من المشهد السياسي الفلسطيني، وناقدا للاعبين في السياسة الفلسطينية. وكان أيضا مستشارا للأمن القومي في ظل عباس عندما سيطرت حماس على غزة عام 2007، ولديه سمعة بين كثرة من الفلسطينيين بأنه “قاسٍ”.
وتدهورت علاقة دحلان بعباس وسط انطباعات بأنه يحاول خلافة الأخير، وصدرت ضده أحكام غيابية بالفساد في عام 2016، ولكنه ينفيها. وفي الإمارات، بنى دحلان علاقات قوية مع أعضاء العائلة الحاكمة في أبو ظبي، حيث ارتبط بداية مع الشيخ هزاع بن زايد، نظيره سابقا في المؤسسة الأمنية الإماراتية، وارتبط مع شقيق هزاع، الشيخ محمد بن زايد، الرئيس الحالي للإمارات. وأصبح دحلان منذ تولي بن زايد الرئاسة عام 2022، واحدا من أهم مستشاريه.
وفي المقابلة مع دحلان (62 عاما) قال إن الإدارة الفلسطينية الجديدة قد تدعو الدول العربية الصديقة لإرسال قوات للمساعدة على حفظ النظام في غزة. وأن دولا عربية مثل الإمارات والسعودية مستعدة للمساعدة وتمويل إعادة الإعمار، لو وافقت إسرائيل على دولة فلسطينية. وقال: “لو كان هناك حل دولتين، فالجواب هو نعم كبيرة” وأضاف أن “الدول العربية الرئيسية راغبة جدا في تسوية هذا النزاع” و “ليس الحرب.. ولكن كل النزاع”.
ورفضت مصر والسعودية التعليق على تصريحات دحلان، إلا أن بيانا من الإمارات لم يتطرق مباشرة لها، بل قال إن “مساهمتنا في أي جهود لإعادة إعمار غزة ستكون مشروطة بحل الدولتين”.
ويقول دحلان إن أفرادا من عائلته قُتلوا في الحرب ودُمرت بيوتهم. ونشأ دحلان في خان يونس، نفس المدينة التي ولد ونشأ فيها زعيم حماس، يحيى السنوار. وانضم دحلان إلى فتح، وبرز فيها حيث أصبح مستشارا للأمن في غزة. وكان خارج القطاع عندما استولت حماس على السلطة في 2007، حيث هرب إلى رام الله، وبعد خلافه مع عباس وتوجيه اتهامات له وتفتيش بيته، فرّ من رام الله.
وفي المنفى، راكم دحلان السلطة والثروة والتأثير من خلال علاقاته مع الرئيس الإماراتي الذي يمثله كمبعوث في المنطقة. وقالت الصحيفة إن إشارات عن موقعه المريح في أبو ظبي كانت واضحة خلال اللقاء الذي تم داخل قصر للعائلة الحاكمة في أبو ظبي. وفي خارج مكتبه، كانت تقف سيارة لامعة من نوع بينتلي. وداخل غرفة الجلوس، هناك حوالي 12 أريكة.
ويُنظر إلى دحلان كشريك محتمل لإسرائيل، لكنه لم يظهر أي تعاطف مع مظاهر القلق الإسرائيلي في المقابلة. واستبعد الفكرة بأنه يحاول إقناع الإسرائيليين بالحاجة إلى دولة فلسطينية “ليست وظيفتي إقناع الإسرائيليين”، فـ”ليذهبوا إلى الجحيم”.
وقال دحلان إنه يعمل على إقناع حماس بالتخلي عن السلطة لقيادة فلسطينية، ملمحا إلى أن الحركة يمكن إقناعها بذلك كجزء من رزمة دولة فلسطينية. كما نفى في المقابلة اهتمامه بخلافة عباس وتولي منصب قيادي رسمي.
ومثل بقية القيادات الفلسطينية، ابتعد دحلان عن شجب هجوم حماس في 7 أكتوبر، لكنه انتقد قيادات حماس التي زعمت أن الغزيين مستعدون لدفع ثمن أفعال الحركة. وقال: “الاعتماد على معاناة الناس ليست قيادة… الفلسطينيون يريدون العيش”.