كان متوقعا ان تكون نسبة التصويت في انتخابات السلطات المحلية منخفضة في المجتمعين العربي واليهودي، لكنها لم تكن كذلك في الكثير من مدن وبلدات المجتمع العربي بصورة خاصة، علما بان هذه الانتخابات سجلت انخفاضا ملموسا في المدن المختلطة مثل حيفا، القدس وحتى تل أبيب.
تعالوا نبحث الوضع الانتخابي في مدينة الناصرة التي تعتبر أكبر مدينة عربية، والتي يحلو للصديق علي سلام إضافة "مدينة البشارة" عندما يتطرق الى ذكرها في أحاديثه عنها أو عن أي حدث يتعلق بها. كيف لا وهو الذي ولد وترعرع فيها وهو الذي كبر معها وكبرت معه لا سيما بعد استلامه رئاسة بلديتها في العام 2013.
باعتقادي ان نتائج التصويت لانتخابات رئاسة بلدية الناصرة هذا العام، تحمل رسالتين مهمتين لهما معنى كبير لعلي سلام وللجبهة. انا شخصيًا لا أصوت في انتخابات الكنيست لأني لا أومن بفائدة هذا التصويت للمواطن العربي الفلسطيني في هذه البلاد، لكني أمارس حقي في انتخابات السلطات المحلية واعتي انتخابات بلدية الناصرة، لعلمي اليقين بان هذه الانتخابات تفيد المواطن العربي في مجالات عديدة.
ماذا تحمل الرسالة الموجهة لعلي سلام؟ صحيح أن "أبو ماهر" الذي أكن له كل احترام وتقدير قد فاز في الانتخابات "عددا" لكنه خسر فيها "معنويا" بمعنى انه تلقى ضربة لم تكن متوقعة من ناخبي الناصرة الذين تقاعسوا عن الذهاب لصناديق الاقتراع بشكل كبير الأمر الذي يعتبر خيبة أمل لعلي سلام خصوصا وهو الذي قال قبل الانتخابات انه سيتجاوز منافسه بـ 13 ألف صوت اعتقادا منه بأن جماهير الناصرة ستهب الى صناديق الاقتراع بنسبة عالية. لكن هذه الجماهير ظل الكثير منها في البيوت تاركة خيبة أمل لعلي سلام رغم فوزه على منافسه.
إذا من المفترض بعلي سلام ان يراجع حساباته في هذه النتيجة، بمعنى ان يبحث عن السبب الحقيقي لما آلت اليه النتائج. قد يقول أحدهم، ان حالة الحرب التي نعيشها لعبت دورا أساسيا في تدني النتائج، لكن هذا التدني الكبير لم يحصل في كل بلدات المجتمع العربي سوى في الناصرة؟ هذا يعني ان السبب يكمن في مكان آخر. وأعتقد بأن المفترض بـ "أبو ماهر" أن يدقق في أمرين: أولهما، لماذا لم يهب كل ناخبيه في الدورتين السابقتين الى التصويت له مجددا؟ وثانيهما عليه ان يدقق في كيفية سير حملته الانتخابية إعلاميا، لأن نتيجة التصويت لابد ان يكون وراءها سبب ما وأبو ماهر عليه ان يكشف السبب.
الرسالة الثانية الموجهة للجبهة مفادها: ان الجبهة التي عجزت عن إبعاد علي سلام عن كرسي رئاسة بلدية الناصرة في الدورتين الأخيرتين وفي هذه الدورة (أي بالمجمل 15 عاما) عليها ان تعترف بالأمر الواقع، ان صلاحيتها قد انتهت كليا منذ عام 2013 ولن تعود للسيطرة على بلدية الناصرة ما دام علي سلام في الواجهة.