المعروف في العالم العربي ان أجهزة المخابرات هي أجهزة سيئة الصيت ومكروهة لدى المواطن العربي، بسبب التعامل السيء واللاإنساني في معظم الأحيان. جهاز الاستخبارات العامة في السلطة الفلسطينية، هو أحد هذه الأجهزة الأمنية العربية، الذي يعاني منه المواطن في السلطة الفلسطينية لما يتعرض له من قمع واضطهاد، لدرجة دفع بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تقديم شكوى إلى مكتب النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية، ضد اللواء ماجد فرج مدير الاستخبارات العامة الفلسطينية، بتهمة الاعتقال التعسفي والتعذيب الممنهج مرفقة بأدلة على تورط جهاز المخابرات الفلسطينية بتعريض بعض المعتقلين للإخفاء القسري والتعذيب ووثائق تشمل أسماء المعتقلين والأماكن التي احتُجزوا فيها بشكل مخالف للقانون.
وما دمنا في الحديث عن ماجد فرج، فلا بد من تسليط الضوء عليه بصورة أوسع ليس لأنه رئيس مخابرات أو لأنه الشخص الأقرب إلى رئيس السلطة محمود عباس، بل لأنه "الجنرال" المرشح ليكون حاكم غزة في الفترة القادمة التي يطلقون عليها "اليوم التالي للحرب". الترشيح لم يكن من جانب من قائد جيش الكيان يوآف غالانت برضى أمريكي.
ماجد فرج اعتقل أكثر من 15 مرة، وأمضى في المجمل 6 سنوات متنقلا بين السجون والمعتقلات الصهيونية، ومن المفترض أن لا يكون فرج مرغوبا فيه إسرائيليا لأسباب أمنية. لكن ما نراه اليوم هو عكس ذلك تماماً لان فرج هو "الابن المدلل" لدى الكيان الصهيوني وهو الموافق عليه أمريكياً بمعنى انه الجنرال المخابراتي "الاسرمريكي" وهو الذي يعمل على إنشاء قوة مسلحة جنوبي غزة بتكليف من تل أبيب وفق تقارير الصحافة العبرية.
لماذا وقع الخيار على ماجد فرج؟ طبيعي ان يكون فرج هو المرشح لحكم غزة، كونه أقوى وأكبر شخصية أمنية في السلطة الفلسطينية، وانمقرب جدا من محمود عباس، والأهم من ذلك لديه علاقات وطيدة مع كبار المسؤولين الأمنيين الصهاينة وهو صاحب الدور الأكبر في التنسيق الأمني مع اسرائيل، وتعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية في عدد من الملفات، ودعم خطة الأمريكي مايكل فينزل، التي تستند إلى فكرة إنشاء قوة أمنية فلسطينية يتم تدريبها وإرسالها لمواجهة المجموعات الوطنية شمالي الضفة الغربية.
وسائل إعلام عبرية ذكرت أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت هو الذي اقترح تولي رئيس مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج إدارة قطاع غزة مؤقتاً، بعد انتهاء الحرب. وأفادت هيئة البث العبرية الرسمية، بأن دولة الاحتلال تدرس استخدام رئيس المخابرات الفلسطينية لبناء بديل لحكم حركة حماس في اليوم التالي للحرب. بمساعدة شخصيات ليس بينها عضو في حركة حماس.
اسمعوا ما قال رئيس الحكومة السابق ورئيس المعارضة حاليا، يائير لابيد عن ماجد فرج في مقابلة مع إذاعة (كان) العبرية الرسمية:" “من الطبيعي طرح اسم فرج، فهو من أكثر الشخصيات في السلطة الفلسطينية التي عملت معنا ضد حماس”.
وأخيرًا...
بقي عليّ الإشارة الى أمر مهم أمانة للتاريخ: التقيت اللواء زياد الأطرش مرتان في الجزائر وكان وقتها قائدا للقوات الفلسطينية هناك. بعدها وبالتحديد في العام 1994 التقيته مجددا في غزة. وخلال الحديث، تطرقنا الى شخصيات أمنية فلسطينية. وأذكر اني سألته عن ماجد فرج، فنظر إلي باستغراب قائلاً: "مين هاد الولد". ومن حسن حظ اللواء انه فارق الحياة قبل ان برى كيف تطور "هذا الولد؟!"