نشاطات سياسية تشهدها القاهرة وقطر حول مفاوضات لتحرير الاسرى من الطرفين (إسرائيل وحماس) ووقف الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ ستة شهور، تجري بطبيعة الحال بتوجيه أمريكي. ولذلك فهي باعتقادي نشاطات لا فائدة منها، وان كانت المفاوضات السابقة قد نجحت جزئيا في مرحلة ما في خريف العام الماضي.
ليفهم المفاوضون والدول العربية، ان الولايات المتحدة لا يمكن ان تفاوض على أمر ما او على قضية تتعلق بإسرائيل، لا تكون فيها اسرائيل هي المميزة والمستفيد الرئيس فيها. تعالوا نقرأ خلفية المشهد التفاوضي بإمعان: مصر التي يسمونها جهورية مصر العربية، لا يستطيع رئيسها عبد الفتاح السيسي التغريد خارج السرب الأمريكي، لان أمريكا تدعمه ماليا واقتصاديا حتى الخبز المصري هو من القمح الأمريكي. ومن يأكل من صحن السلطان لا يبصق فيه.
الدولة الخليجية قطر، هي موطن لأكبر تواجد عسكري أمريكي في الشرق الأوسط، وتعمل كمركز استراتيجي للعمليات الأمريكية في المنطقة ومصدر رئيسي للاستثمار الأمريكي وهي حليف رئيس للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي، وهو تصنيف تمنحه الولايات المتحدة للحلفاء المقربين من خارج الحلف الذين لديهم علاقات عمل استراتيجية مع الجيش الأمريكي.
قلت سابقًا في اكثر من مقال لي في هذا الموقع، ان الإدارة الامريكية لها وجهان: وجه ظاهري وآخر خفي. مجلس الامن الدولي ايد قرار وقف اطلاق نار رمضاني بشكل فوري لكن إسرائيل لم تلتزم وتحدت العالم الذي لم يجرؤ على معاقبتها. حتى الولايات المتحدة ظلت مستمرة في دعم إسرائيل بالطاقة والغذاء، ناهيك عما تقدمه واشنطن من مساعدات عسكرية على الرغم من ادعاءها رفض عملية اجتياح برى لرفح الفلسطينية.
ولماذا ترفض واشنطن اجتياح إسرائيلي لرفح؟ اسمعوا النفاق: "خوفًا من سقوط المزيد من الضحايا المدنيين". ما هذا الكذب؟ الا يكفي قتل حوالي 34 الف مدني في قطاع غزة؟ فإذا كانت الولايات المتحدة لا تريد رؤية المزيد من الضحايا المدنيين في غزة فلماذا سمحت لإسرائيل بقتل الآلاف من النساء والأطفال بسلاح أمريكي؟ انه النفاق بعينه وانها أمريكا ذات الوجهين.
كل الرهانات على الولايات المتحدة انها شريك نزيه أثبتت فشلها والدليل على ذلك مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. فما بالك بمفاوضات تتعلق بغزة؟ خمس دول عربية (مصر، السعودية، الإمارات، قطر والأردن) بالإضافة إلى منظمة التحرير الفلسطينية طرحت خطة لإنهاء الحرب، والبدء بمفاوضات لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967. الخطة تعتمد على المبادرة العربية للسلام التى قدمتها المملكة السعودية عام 2002 خلال اجتماع القمة العربية في بيروت. الخطة التي تتحدث عن إنهاء فورى للحرب على غزة وعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، تم عرضها على الإدارة الامريكية وبالتحديد على وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أثناء زيارته للمنطقة في الحادي والعشرين من الشهر الماضي.
فماذا فعل الرئيس الأمريكي بايدن الذي يتظاهر انه مع وقف الحرب؟ فبدلا من ان يقدم بايدن على إجبار الدولة العبرية على التخلي عن خططها لاجتياح مدينة رفح الفلسطينية، أقدم على تقديم مساعدات عسكرية إضافية إلى إسرائيل بقيمة 2.5 مليار دولار شملت 25 طائرة حربية من طراز أف 35 وأكثر من 1800 قنبلة زنة 900 كيلوجرام ومحركات طائرات وصواريخ للقبة الحديدية.
وأخيرًا... من يأمل بأن أمريكا من الممكن ان تقف الى جانب الحق الفلسطيني، مثل الذي يأمل من الشيطان بفعل خير. افهموها يا عرب التطبيع