العداء بين جمهورية ايران الإسلامية كما يطلقون عليها، وبين إسرائيل التي تسمي نفسها الدولة اليهودية، هو عداء موجود منذ 45 عاما أي منذ سقوط امبراطورية شاه ايران محمد رضا بهلوي، واستيلاء الخمينية على الحكم بقيادة الخميني، الذي عاد من منفاه في باريس الى طهران ليؤسس حكم الملالي. وأول شيء قام به الخميني تحويل اسم سفارة إسرائيل في طهران والتي كانت موجودة في عهد الشاه، الى اسم سفارة فلسطين وإعلان العداء علانية لإسرائيل. ومن وقتها بدأ الصراع بينهما وتطور بشكل أكبر، عندما بدأت ايران تعمل على صنع سلاح نووي، الأمر الذي أربك إسرائيل والغرب، ولا يزال هذا الموضوع حديث الساعة ومشكلة المشاكل بين إسرائيل وايران.
الحرب الإعلامية لم تتوقف بين الجانبين وتتصاعد باستمرار بينهما. كما ان التهديدات المتبادلة تتوسع باستمرار، خصوصا بعد دخول قوات إيرانية لسوريا لدعم نظام الأسد إبان التورة الشعبية عليه منذ العام 2011. وكانت إسرائيل وحسب المعلومات المتوفرة قدة قامت عدة مرات بقصف مراكز ايرانية في دمشق ونفذت عمليّات اغتيال ضبّاط ومستشارين ايرانيين واستهداف مواقع الإمداد وتخزين الأسلحة والإسناد في سوريا.
في اليوم الأول من الشهر الجاري قامت إسرائيل بقصف مبنى القنصلية الايرانية في دمشق متجاوزة بذلك كل الخطوط الحمراء وحتى قواعد الاشتباك بين الجانبين. ضربة اعتبرتها إيران تحديا لها لا يمكن السكوت عليها، فاتخذت قرار الرد السريع عليها لحفظ ماء وجهها امام شعبها وأمام حلفائها.
في اليوم الرابع عشر من الشهر الجاري جاء ردّ إيران على قصف القنصلية، فأطلقت صواريخها المجنّحة (34 صاروخاً) والباليستية (110 صواريخ) إلى جانب سرب كبير من الطائرات المسيّرة (186 مسيّرة) باتجاه الداخل الإسرائيلي. تعالوا لنرى كيف سارت مسرحية الهجوم:
للوهلة الأولى عندما يسمع المرء عن هجوم إيراني على إسرائيل بكَمّ هائل من الصواريخ وعشرات الطائرات المسيّرة، يعتقد المرء بأن اللحظة قد أتت لانفجار حرب مدمّرةٌ بينهما. لكن ما حصل هو خمس ساعات من هجمات لم تخلّف سوى إصابةٍ واحدةٍ. كيف يمكن لمثل هذا الهجوم الكبير ان يسفر فقط عن إصابة بسيطة، كيف؟
والسؤال الآن: ما هو المتوقع بعد ذلك، هل سترد إسرائيل على الهجوم الايراني؟ احتمالات الرد واردة بالطبع، علما بأن بايدن أبلغ نتنياهو خلال اتّصالهما بأنّ بلاده لن تُشارك في أيّ عمل هجوميّ ضدّ إيران، وأنّه شخصيّاً يُعارض أن تقوم إسرائيل بالرّدّ على إيران دون تنسيق كامل على جميع الصّعد مع الإدارة الأميركيّة. ويبدو ان نتنياهو استوعب ما قاله بايدن مما دفعه للقول:" إنّ إسرائيل تنوي الرّدّ على إيران وتدرسُ خيارات عديدة دون أن يؤدّي ذلك إلى حرب واسعة." شوفو مين بحكي.
وليس من المستبعد ان يكون الرد توجيه ضربة محدودة لمنشأة عسكريّة في الأراضي الإيرانيّة، لا تؤدّي إلى خسائر بشريّة في صفوف الإيرانيين، أو ضربة جوية، على مواقع تابعة للحرس الثّوريّ والفصائل الموالية له في سوريا والعراق واليمن، من دون ضرب الدّاخل الإيرانيّ،
كل الاحتمالات مطروحة. ننتظر.