لقد مضى خمسة أشهر منذ بداية العام 2024, وعلى الرغم من ان ارقام القتل والاغتيال للعام 2023 كانت ضخمة وصادمة اذ وصل العدد الى 240 ضحية وقتيل في المجتمع العربي، الا ان هذه الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام تعتبر فيها نسب القتل والاغتيالات عالية وخيالية.
حيث يقتل كل شهر حوالي 15 انسانا ويصاب بأعداد أكبر بجراح متوسطة او خطيرة، وكل ذلك بدون شفقة او رحمة على بعضنا البعض وخاصة مع تواصل الحرب على شعبنا الفلسطيني في غزة، ويعاني مجتمعنا من افة هذه الجرائم التي تستفحل وتزداد يوميا، فقد قتل فقط هذا الأسبوع اشخاص عديدين من يركا الناصرة اللد جديدة المكر وأصيب اخرين.
بدون ان تقوم الشرطة بأي عمل او خطوات جدية لفك لغز هذه الجرائم، بل انها تسدل الستار على التحقيق ليوم او يومين وبعدها لا يعالج الموضوع بأي شكل او بآخر في الاعلام او في حوارات المجتمع العربي ولا نسمع لاحقا عن فك لغز أي جريمة الا إذا كان المجني عليه مواطنا يهوديا.
وإذا استمر هذا الوضع على حاله فمن المتوقع ان يصل اعداد القتلى في نهاية العام الى أكثر من 200 شخص.
يدمر مصير عائلات وأطفال وذوي هؤلاء القتلى بالمئات.
أمّا الشرطة فإنها لا تكرّس أي مجهود يذكر للمجتمع العربي وعلى الرغم من بنائها عشرات المراكز الشرطية في القرى والمدن العربية الا انها تكرس اقل من 400 شرطي لكافة المجتمع العربي يتواجدون في هذه المراكز الشطوية ، وهذا أقل من واحد بالمئة من عدد أفراد الشرطة في البلاد الذي يصل عددهم الى 32 الف شرطي ,وعلى الرغم من أن العرب في البلاد يشكّلون 22 بالمئة، وتحاول الشرطة تبرير ما يحدث بأنها مشغولة في احتواء الوضع الأمني المتدهور وخاصة بعد احداث السابع من أكتوبر لكنها في واقع الامر تسمح بأن يقتل العرب انفسهم وبأيديهم بدون أن تكرّس أي جهد لتفكيك الغاز الجرائم اليومية ويمكن ان يكون ذلك بمثابة سياسة خفية لجهاز الشرطة والحكومة.
كما ازدادت في الآونة الاخيرة حالات القتل ضد المواطنين العرب من قبل أعضاء الشرطة وحرس الحدود، انظر ما حدث في يافا والذي قتل فيها المرحوم يعقوب طوخي من قبل شرطي في حرس الحدود هناك.
حيث لم تؤدي التحقيقات والتي كانت فيها احداث الجريمة مصورة وواضحة العيان الى أي نتيجة تذكر بل سمحت الشرطة لعائلة الجاني بأن ترسل له رسائل دعم وتشجيع في السجن الذي يمكن ان يكون حكمه قصيرا جدا او معدوما.
هذا ويمكن القول ان حياة الانسان العربي باتت رخيصة، ولم تبذل الشرطة أي جهود لحل رموز مئات الجرائم التي تستفحل سنويا.
ويمكن القول ان أسلوب عمل الشرطة في القرى والمدن العربية بات يختلف اختلافا جذريا عندما يتعلق الامر بالبلدات اليهودية، فاذا تمت جريمة او عملية قتل في الوسط اليهودي فأن الشرطة تبذل طاقاتها لحل لغز الجريمة حيث يتم تفعيل ضغوط هائلة من قبل المواطنين اليهود لحل أي جريمة تحدث في حيفا تل ابيب والقدس.
وهناك جرائم قليلة لم يتم فك رموزها في هذا الوسط.
ففي حال تمت جريمة هناك فان التحقيق ينتقل الى قيادة اليمار المركزية وهنالك يستعملون كافة وسائل التحقيق المعقدة والمكلفة حتى حل لغز هذه الجريمة.
وإذا كانت عملية القتل هذه تحمل دوافع قومية مثلا فأن كافة الموارد ووسائل التحقيق تستعمل حتى إيجاد الإجابة النهائية لعملية القتل او الجريمة.
وفي بعض الأحيان تكلف رموز حل الجريمة ملايين الشواقل من وسائل تحقيق معدات وقوى مهنية عالية لكل جريمة.
اما حياة العربي فيمكننا القول انه حسب رؤية الشرطة الاسرائيلية لا تساوي الكثير، فاذا تمت عملية قتل في قرية او مدينة عربية معينة، فان المواطنون يتصلون بالشرطة أي الى 100 وفي كافة القرى العربية يكون الاتصال بهذا الرقم متواصلا مع الشرطة الجماهيرية في البلدة، حيث تأتي هذه الشرطة الى مكان الجريمة وتتفحصه بدلا من ان يرسلوا طاقم تحقيق مهني.
وعلى الرغم من انهم يملكون فيديوهات وصور عملية القتل الا ان اليمار يأمرهم بأغلاق الملف بأسرع ما يمكن، انتظارا للجريمة المقبلة.
ويمكن القول ان هذا هو الامر الوحيد الذي نستنجه من عدم اهتمام الشرطة وحلها للجرائم المتكررة والمتزايدة في مجتمعنا العربي.
وازاء سياسة الشرطة هذه اتجاه المواطنين العرب فقد بات من الواضح ان اللجنة القطرية للسلطات المحلية التي انتخبت قبل عدة أيام ويترأسها السيد مازن غنايم، عليها ان تعمل جاهدة من اجل العمل على إيقاف العنف المستفحل في الوسط العربي لأنه مسألة مصيرية ووجودية لنا ولمجتمعنا.
وقد لا يبدو الامر صعبا للجنة القطرية وهيآتها من الرؤساء الجدد الذين لا يملكون الكثير من حيث العمل الجماعي لصالح المجتمع العربي, بحيث يترتب عليهم العمل بسرعة على إقامة مؤتمر قطري لمعالجة قضية العنف والجريمة ووضعه في أولويات عمل هذه اللجنة وان تعطى المهام لكافة الرؤساء لكي يشاركوا في وضع حد للجريمة في قراهم ومجتمعاتهم بكافة الوسائل والطرق اذا كان ذلك في مواجهة مع الشرطة وفي استثمارات واسعة النطاق في التربية والتعليم وتضييق الفجوة في العمل الاقتصادي وضخ مزيد من الميزانيات للوسط العربي , كما يتحتم على اللجنة القطرية ايضا العمل مع النواب العرب والذي يسود عملهم الخلافات والنقاشات الغير جوهرية والايجو الواسع.
وإذا كان مازن غنايم حازما ويعمل بشكل مختلف عما كان يعمل فيه في المرة الأولى عندما كان رئيسا للجنة القطرية فأن عليه العمل بسرعة فى إقامة مثل هذا المؤتمر والذي سيعالج الجريمة ويضع النتائج الجوهرية امام اللجنة. حيث يمكن الاستعانة ليس فقط بخبراء من البلاد بل بخبراء دوليين يمكنهم ان يعطوا المشورة ويقارنوا ما يجري في إسرائيل وفي دول أخرى.
وقد بات واضحا للعيان بأن الوزير الحالي المسؤول عن ملف الامن القومي والشرطة ايتمار بن غفير وبسياسة اللا مبالاة وعدم الاهتمام الواضح لمسألة العنف والقتل في مجتمعنا حيث لا يعطي أي أهمية لهذا القتل في المجتمع العربي فإنه وطاقمه يهمل وبشكل صارخ ما يحدث في المجتمع العربي من عنف ومجازر وإن اهماله هذا يسرع ويزيد من وتيرة العنف ولا يبقى على هؤلاء الممثلين من المجتمع العربي والذين نسوا الدور الرئيسي لرؤساء السلطات العربية الا أن يفكروا بوضع خطة واستراتيجية تشمل كافة الأسس والعوامل البنيوية والجوهرية المتعلقة بكيفية مكافحة العنف وبناء استراتيجية هذه الخطط العدوانية ضد هذا المجتمع، والتي تعتبر مصيرية لوجودنا في هذه البلاد.