هناك ظاهرة سلبية أثناء الانتظار لمراسيم دفن الميت بل وخلال تشييع الجثمان لنقله الى المقبرة لدفنه، ترى من هم يتكلمون وتكثر الثرثرة بين بعض المشيعين بدل من الصمت واحترام الميت ومشاعر أهله، وعلى الانسان ان يعود نفسه الصمت في احزان ومأتم الاخرين.
الموت هو هادم اللذات ومفرق الجماعات, والموت أكبر واعظ ، ومن لم يتعظ بالموت ، فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يتعظ . نشيع موتانا ولكن لم نتعظ من الموت ,لان الموت فقد هيبته , فالكثير يحضرون للمقابر لتشييع الأقرباء والمعارف وكأنهم كمن جاء لمشاهدة مسرحية.
الله عز وجل وصف في القرءان الكريم الموت بأنه "مصيبة " وهذه المصيبة من المفروض أن تخلق الهلع والخوف في نفوس الناس وخاصة اذا كان الميت مسجى امامك وتعرفه، لان الموت ينهي رحلة الحياة، لتبدأ رحلة اخرى مجهولة للانسان وهذا المجهول من المفروض أن يخيف الناس ويفكرون به، ويتأملوا ويتدبروا أمر الموت حين حدوثه لاناس نعرفهم، لكن تجدهم يتكلمون عن مواضيع دنيوية أو يتبادلون الطرائف وكأنهم ليسوا في مأتم بل في مقهى، فهذا يتكلم بالبلفون، وذاك يقهقه، يعطون الانطباع بأنهم جاءوا كمجاملة اجتماعية وليس مشاركه بأحزان أهل الفقيد ومواساتهم، وكان جدير بهم أن يتعظوا من الموت الذي أمامهم .ولكن للأسف تجد بعض المشيعين منشغلين بالقال والقيل والقهقهة، ولم يحترموا حرمة الميت التي انتهكوها ولا مشاعر أهله.
ليس مطلوب منك أيها المشيع أن تحزن بحزن أهل الفقيد ولكن عليك احترام حزنهم وتقدير مشاعرهم ومصابهم الاليم، فلو أجلت حديثك أو ابتسامتك إلى أن تغادر المقبرة او بيت العزاء لكان أكثر وقارا واحتراما لمشاعر اهل الفقيد، فعلى ما يبدو من كثرة ما نشاهد بالتلفاز من قتلى الحروب، فالموت أصبح شيئا عاديا مألوفا لا يثير الانتباه والخوف والكثير يفكر أن الموت بعيد عنه ولا يدري انه اقرب اليه من حبل الوريد.
فعلينا في حالة تشييع الميت الخشوع وعدم التكلم بالبلفون ولا حتى تدخين السجائر احتراما للميت الذي جئنا نودعه واحتراما لمشاعر اهله.