في شهر سبتمبر/أيلول عان 2006 قال البرلماني المصري الد كتور حمدي حسن، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في معرض حديثه عن جامعة الدول العربية: " هي تعبير صادق عن واقع الدول العربية، والضعف والهوان اللذين عليهما الدول العربية انعكس على أداء الجامعة، فجاء أداءً ضعيفاً هزيلًا لا أثر له”. البرلماني المصري على حق في قوله. فالجامعة العربية منذ تأسيسها قبل 79 عاما فشلت في تحقيق أي هدف من أهدافها التي أنشئَـت من أجلها عام 1945 وأخفقت سابقا وحاضرا في لَـمّ الشمل العربي أو على الأقل تضييق هوة الخلاف، وصارت الدول العربية كيانات متشرذمة ومتشاحنة.
جامعة الدول العربية التي يوجد مقرها في القاهرة، لها امين عام اسمه احمد أبو الغيط (مصري) وامين عام مساعد اسمه حسام زكي (مصري أيضا). هنا يحق لنا التساؤل لماذا الأمين العام مصري ومساعده مصري أيضا رغم انها ليست جامعة مصرية بل جامعة عر بية؟ على كل حال، حسام زكي وصل فجأة الى العاصمة اللبنانية بيروت في الخامس والعشرين من الشهر الفائت في مهمّة ليومين بتكليف شخصي من الامين العام للجامعة احمد ابو الغيط لتقصّي المواقف اللبنانية من التطورات المستجدة على اكثر من مستوى داخلي وإقليمي وسياسي وأمني وللتواصل مع القوى السياسية اللبنانية.
المفاجأة في زيارة زكي انه أدلى بتصريحات في بيروت قال فيها ان حزب الله لم يعد "إرهابيا"، وذكر السبت الماضي في تصريحات متلفزة في ختام زيارة له للعاصمة اللبنانية، ان “قرارات الجامعة العربية كان بها تسمية لحزب الله أنه إرهابي، ولذلك كان التواصل معه منقطعا وتوافقت الدول الأعضاء على أن لا تستخدمها، مما فتح الطريق لأن نتواصل باعتبارها لم تعد موجودة”. وكانت الجامعة العربية قد أعلنت عام 2016 تصنيف حزب الله تنظيماً إرهابياً
هذه التصريحات اثارت غضب الأمين العام أبو الغيط كما اثارت حالة من الجدل بين الجامعة ووزارة الخارجية الأميركية التي اعتبرت أنه لا يوجد سبب لهذا التعديل. أحمد أبو الغيط، سارع الى اصدار بيان صحافي الاثنين الماضي (ويبدو ارضاء للأمريكيين) قال فيه أن الأمانة العامة للجامعة "تلتزم دوماً بالتنفيذ الكامل لقرارات الدول في كافة الموضوعات"، دون أن يوضح طبيعة القرارات التي يقصدها.
حسام زكي نفسه سارع الى التراجع عن تصريحاته بقوله: إن تصريحاته الأخيرة حول حزب الله، "فُسّرت في غير سياقها الصحيح، وإن التحفظات على سياسات الحزب وأفعاله ما زالت قائمة" حسام زكي زار بيروت بصفة رسمية وتصريحاته هي رسمية تعكس موقف الجامعة العر بية التي هو امينها العام المساعد وهو بذلك لا ينطق عن الهوى برفع صفة "الإرهاب" عن حزب الله.
وأخيرًا... السؤال المطروح الآن : ما الذي دفع بزكي بالإدلاء بمثل هذه التصريحات وتراجع فيما بعد عنها؟ انا اعتقد بوجود ثلاثة احتمالات لذلك: أما ان يكون احد قادة حزب الله قد أقنعه بقول ذلك خدمة منه لحزب الله، او انه دمج موقفه الشخصي بموقفه الرسمي، أو ان ذلك كان مرتبا مع أبو الغيط لجس نبض الشارع العربي العام. بمعنى "ان زبطت منيح وان ما زبطت نتراجع" والله أعلم