عشرة أشهر مرت على حرب غزة، ولا يزال البحث مستمراً عن خطة واضحة المعالم لليوم التالي للحرب، ومن سيدير قطاع غزة ويتحمل مسؤولية توفير الأمن والغذاء والعلاج لنحو مليوني شخص، وإعادة بناء القطاع المدمر بالكامل تقريبا.
ويصرُ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على المضي قدما في حربه ضد حماس، ويريد أن تكون غزة "منطقة منزوعة السلاح"، كما أشار في تصريحات سابقة له، وأن يكون بها حكم مدني لإدارة شؤون سكان القطاع وتقديم المساعدات لهم.
وقال نتنياهو في تلك التصريحات إن "أفضل طريقة للقيام بذلك هي التعاون مع رعاية عربية مشتركة، والحصول على مساعدة من الدول العربية لإقامة الحكم المدني في القطاع"، بحسب ما نقلته صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية.
وفي أعقاب تصريحات نتنياهو تلك، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن مصر والإمارات "وافقتا على المشاركة في قوة حفظ سلام في قطاع غزة"، في اليوم التالي للحرب، إذا طلبت السلطة الفلسطينية ذلك، في حين أن دولاً أخرى مثل السعودية وقطر والأردن رفضت المشاركة في مثل هذه القوات، وفقا للصحيفة.
طالبت الدول العربية في البيان الختامي للقمة العربية التي استضافتها البحرين في مايو/آيار الماضي، 2024، بنشر قوات دولية في غزة لحماية الفلسطينيين، والإشراف على توزيع المساعدات.
لكن ظهرت مخاوف أخرى من وجود قوات خارجية، سواء عربية أو دولية، في غزة، بسبب عدم وضوح دور هذه القوات ومهامها، وخاصة في ظل استمرار عمليات القوات الإسرائيلية في غزة.
واستبعد اللواء شوقي صلاح، الخبير العسكري والقانوني في مصر، دقة هذه التقارير الإسرائيلية، وقال "إن مصر رفضت من قبل إرسال قوات إلى غزة".
وقال صلاح: "إن إدارة غزة لن تكون لأحد خارج قطاع غزة، ويجب على إسرائيل أن "تتكيف مع فكرة التعايش" مع سكان غزة، لأن وجود أي قوة غير فلسطينية قد تصطدم بالفلسطينيين، أو بحركة حماس، وقد يعتبرها الفلسطينيون "قوة احتلال" بديلة لإسرائيل".
وجاءت التقارير الإسرائيلية عن موافقة مصر والإمارات على "إرسال قوات حفظ سلام إلى غزة"، بالتزامن مع زيارة وفد تفاوض من الموساد الإسرائيلي إلى مصر للقاء مسؤولي المخابرات المصرية في مدينة العلمين، في الخامس من أغسطس/ آب، وبالتزامن أيضا مع زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد، إلى العلمين للقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وأضاف صلاح: "أنه لا يمكن الحديث حاليا عن اليوم التالي للحرب بعد إعلان اختيار يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحماس، بعد اغتيال إسماعيل هنية، "ومع استمرار نتنياهو وحكومته المتطرفة، فإنه من المستبعد انتهاء الحرب قريبا أو تحقيق السلام في غزة".
كما حذر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، من وجود مثل هذه القوات "من دون ترتيبات قوية وواضحة"، وضمانات من الولايات المتحدة، حتى لا تستغلها إسرائيل "لتنظيف جرائمها التي ارتكبتها في غزة"، على حد قوله.
وقال الرقيب "إن مثل هذه القوات من دون مهام محددة، وصلاحيات واضحة، وتنسيق مع السلطة الفلسطينية، قد تدخل في إشكاليات كبيرة على عدة مستويات، وخاصة السياسية منها والأمنية.
وكانت مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، لانا نسيبة، قد أكدت في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، استعداد بلادها لإرسال قوات للمشاركة في قوة حفظ سلام متعددة الجنسيات في غزة، بعد انتهاء الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، بطلب من السلطة الفلسطينية، وبشرط أن تلعب الولايات المتحدة دوراً قيادياً، وتدعم الخطوات نحو إقامة دولة فلسطينية.