الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 13 / نوفمبر 01:02

نصرت يا عمرو فمن ينصركم يا أهل غزة


نُشر: 07/01/09 18:38

لا أدري كيف يمكن أن نصف الأمة العربية والإسلامية حيال ما يجري في قطاع غزة من جرائم وتقتيل ومجازر جماعية بحق الأطفال والشيوخ والنساء، وما نراه جميعا بأعيننا من حرمان ما يزيد على مليون ونصف المليون من أبناء شعبنا الفلسطيني ومن أبناء جلدتنا الذين يحرمون الماء والكهرباء والدواء ويتم إغلاق كل المعابر في وجوههم من قبل الدول العربية قبل إغلاقها من قبل اليهود المعتدين

بماذا نصف الأمة العربية والإسلامية التي تركت أهالي غزة يواجهون أعتى الأسلحة التي تملكها إسرائيل تحرقهم وتمزق أشلاء أطفالهم، وكأن الذين يذبحون ويقتلون في غزة لا ينتمون لشعب ولا لأمة ولا للإنسانية على الإطلاق

أمام كل تلك المشاهد التي تصرخ في ضمير كل إنسان يوجد في قلبه مثقال ذرة من آدمية أو إنسانية، يقف الواحد منا ليتساءل: هل تحتاج الأمة إلى أكثر من هذا الذل والعدوان لتصحو من غفوتها ونومها العميقين؟ ألا يكفي كل ذلك لتحريك المارد العربي والإسلامي ليقول كفى للخذلان والذلة والهوان؟

لقد أثبت أهلنا في غزة أنهم أهل كرامة وعزة، لا يستسلمون حتى لو فقدوا كل ما على الأرض من حياة وزخرف وأولاد وبيوت وزوجات وتجارة، وقد أعلنوها صريحة مدوية: إما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا

من خلال هذه النفسية التي باعت الدنيا بما فيها واشترت الآخرة والعزة والكرامة استطاعت غزة أن تستعصي على أقوى جيش في الشرق الأوسط، بل على المؤامرة العالمية التي شاركت فيها إسرائيل وأمريكا وأوروبا وأنظمة عربية كثيرة

لقد صمدت غزة طيلة كل هذه الأيام في الوقت الذي ظن فيه الإسرائيليون أن بإمكانهم أن يحققوا انتصارا سريعا وأن ينهوا حربهم ومجازرهم خلال أيام قليلة، وذلك بعد أن أخذوا الأذن الرسمي والموافقة من قبل قادة يُسمّوْن بأسمائنا العربية، الذين جندوا إعلامهم للتحريض على الضحية والمعتدى عليهم، وأطلقوا لهذه الحرب اسما اتفقوا عليه وهو "الحرب على حماس"، تماما كما أطلقوا عام 2006 ما سمّوها "الحرب على حزب الله"، في محاولة بائسة للتحريض على قادة الشعب الفلسطيني المنتخبين في غزة، تماما كما حرضوا على حزب الله في لبنان

لكن يأبى الله إلا أن تدور الدائرة عليهم، حيث التفت الجماهير في لبنان والعالم العربي والإسلامي في عام 2006 حول الشيخ حسن نصر الله فأصبح الرجل الأول في العالم العربي والإسلامي، تماما كما تحولت اليوم حركة حماس إلى حركة كل الأمة العربية والإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وتحول قادتها إلى أكثر القادة شعبية في العالم

لقد استطاعت غزة أن تصمد في وجه إسرائيل أكثر من الأيام الستة التي لم تستطع فيها جيوش الدول العربية الصمود في وجه إسرائيل عام 1967، وهذا بحد ذاته يكفي ليكون نصرا على إسرائيل

بل استطاعت المقاومة أن تكبد جيش الاحتلال الخسائر الفادحة في الأرواح والمعدات رغم قلة سلاح المقاومة وبداءته مقارنة مع أعتى جيش في المنطقة

الاعتداء الغاشم لا يزال مستمرا، وأنات الأطفال والنساء والشيوخ في كل ساعة تحرق قلوبنا وآذاننا وعيوننا، فهل سنبقى نرقب من بعيد دم أطفال ونساء فلسطين تنزف بينما علماء الأمة تقتصر جهودهم على دعوة الناس للدعاء في المساجد والصلوات، وبينما ملوك العرب يدعون للتبرعات بالطحين والمال والدواء، أم أن ما جرى ويجري حتى الآن يمكن أن يحرك نخوة بعض القادة أو الملوك أو الأمراء أو الرؤساء العرب، ليقف أحدهم ويقول ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن سالم يوم أن جاءه يشكو اعتداء بني بكر حلفاء قريش على قومه بني خزاعة حلفاء الرسول، حيث جاء عمرو بن سالم قائلا أبياته المشهورة:

يا رب إني ناشد محمدا  حلف أبينا وأبيه الأتلدا

قد كنتم ولدا وكنا والدا ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا

فانصر هداك الله نصرا أعتدا وادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا إن سيم خسفا وجهه تربدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا إن قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك الموكدا وجعلوا لي في كداء رصدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا وهم أذل وأقل عددا

هم بيتونا بالوتير هجدا  وقتلونا ركعا وسجدا

فأجابه عليه الصلاة والسلام على الفور قولته المشهورة: "نصرت يا عمرو بن سالم"

وجهز جيوش المسلمين فيما عرف بفتح مكة

وهنا أتساءل: أليس لأحد ملوكنا وقادتنا ورؤسائنا وأمرائنا العرب أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سمعتم الآلاف من أمثال عمرو بن سالم اليوم في غزة يستصرخون: لقد قتلونا ركعا وسجدا في المساجد، لقد قتلونا ونحن نيام في المدارس وفي المنازل، لقد قتلونا ونحن نعالج في المستشفيات، فهل من مجيب لصرخات الثكالى والأيتام، وهل من ناصر لهم؟!

اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس


مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.76
USD
3.99
EUR
4.78
GBP
329040.78
BTC
0.52
CNY
.