في الثامن من شهر ديسمبر الحالي سقط ت "الأسدية" وتخلصت سوريا من نظام "اسد" حكمها بالحديد والنار وبالأجهزة الأمنية والتعذيب والقتل وقصف المدن والتهجير والتجويع والطائفية، وكل أنواع البطش والتي لا يمكن أن يتصورها العقل البشري. بشار الأسد الآن لاجئا في موسكو لأسباب قيل انها "إنسانية". طاغية قتل انسانية المواطن السوري ويستقبل باسم الإنسانية. يا لها من أعجوبة قدر: بشار الذي كان "أسد الى الأبد" في سوريا أصبح الآن "أسد اللاجئ الى الأبد" في موسكو. انها في حقيقة الأمر ليست أعجوبة قدر بل هي أعجوبة من ثوار آمنوا بما قاموا ويقومون به وخلصوا البلاد من جحيم "الأسدية" الفاشية التي ظلت أكثر من نصف قرن رافعة سيف القهر فوق رؤوس السوريين.
كذبوا وخدعوا الشعب السوري قولهم أن 99.7 % من الناخبين اختاروا بشار رئيساً لهم. ولو كان الأمر كذلك لخرج الناس الى الشوارع دفاعا عن رئيسهم لكن ما حصل يوم الثامن من الشهر الحالي عكس ذلك تماماً. فقد خرج الشعب فرحاً بسقوط الظالم الذي أتى يومه.
بشار كبير الظالمين وعميد القتلة لم تساعده أقبية الزنزانات المخيفة في سجن (صيدنايا) أكبر وأشهر سجون النظام تعذيباً. زنزانات هذا السجن بنيت على عمق عدة طوابق تحت الأرض وزج بها المعارضين لحكم النظام. أي نازي هذا البشار وأي فاشي هذا ابن الحافظ، الذي كرهه شعبه، وهو الذي رماه بالكيمياوي وبالبراميل المتفجّرة.
على كل حال من المبكر أن نحكم أو نقيّم المرحلة السياسية المقبلة في سوريا ما بعد الأسد. هناك أسئلة عديدة بحاجة الى أجوبة من حكام سوريا الجدد على الصعيدين الفلسطيني والعربي: وعلى سبيل المثال كيف سيكون موقف النظام السياسي المستقبلي في سوريا من الفصائل الفلسطينية المتواجدة في دمشق (الجبهة الشعبية، القيادة العامة، الجبهة الديمقراطية، فتح الانتفاضة والجهاد الإسلامي) والتي كانت مناصرة لنظام الأسد؟ هل سيقوم النظام السوري الجديد بتصفيتها كونها دعمت سفاحي الشعب بشار وحافظ أم ستستمر في نشاطها بترتيبات حديدة؟ وهل سيُسمح لحركة حماس بعودة نشاطها للساحة السورية؟
وسؤال آخر في غاية الأهمية: موقف النظام الجديد في سوريا من التطبيع مع إسرائيل وكيف سيتعامل هذا النظام مع إيران الداعم الرئيس لبشار الأسد؟ هذه الأسئلة وغيرها بانتظار الرد عليها مستقبلاً من قادة سوريا الجدد.
وأخيراً...
نتمنى من النظام الجديد أن يتذكر قصيدة أحمد شوقي عن ثورة سوريا عام 1925 والتي يقول فيها: “وعزّ الشرق أوّله دمشقُ”.