الحاج علي احمد الشتيوي ابو ابراهيم، توفاه الله قبل ثلاثة ايام، المرحوم كان عنوانا للكرم والضيافة وكان بيته مقرا وليس ممرا , وكان نصير الحق ومصلحا بين الناس , وكل من عرفه يشهد له بذلك , والذي جعلني أكتب عن سيرته ليس فقط بسبب ما ذكرت من الصفات الحميدة التي تميز بها بل لان المرحوم كان مثالا يحتذى به بالصبر والتمتع بمعنويات عالية قل ما وجدت عند من كان في حالته , فالمرحوم اصيب بمرض السكر وقطع الاطباء ساقيه , وبالرغم من ذلك المرحوم لم ينطوي على نفسه والتزم بيته بل كان انسانا اجتماعيا و منفتحا جدا يشارك في الافراح والاتراح ولم تفوته مناسبه الا وشارك بها , وهذا بفضل ابنائه البرره الذين حملوه على أكفهم، وانا تطرقت لحالة المرحوم الصحية لتكون مثالا لمن ابتلي بمرض السكر اللعين ليتمثل به وينهج نهجه.
المرحوم ابن عشيرتي واحد اقاربي وكانت تربطني به علاقات المحبة والاحترام وهو يمثل الجيل الكادح جيل الاباء الذين شقوا طريقهم بكل عزم وقوة بالرغم من الظروف الصعبة التي واجهوها بعد النكبة , وانا بدوري اليوم اترحم على ابائنا وامهاتنا واجدادنا , فكان ابائنا واجدادنا صمام الأمان لنا ، حافظوا على قيمنا وأخلاقنا وعاداتنا بتجذير هذه القيم عميقا في نفوسنا ، اهتموا بنا وربونا على القيم والاخلاق والاحترام وحمونا من الضياع، وكانوا اليد الحانية علينا ، سنوا لنا معايير اجتماعية أساسها عاداتنا واخلاقنا وقيمنا لتكون المصباح الذي ينير لنا طريقنا وحتى لا نقع بالمحظور, هذه المعايير الاجتماعية حافظت على نسيجنا الاجتماعي وسلوكنا القويم وعززت الترابط والتماسك بين شرائح مجتمعنا التي افتقدناها هذه الأيام والذي أصبح مجتمعنا آخر همه المحافظة عليها ، علمونا المروءة والشهامة والصدق والاستقامه ،حيث كانوا بعيدين عن فساد الضمائر والمصالح الخاصة بحكم إخلاصهم وصدقهم، وكانت لهم هيبة ووقار وكانت نفوسهم عظيمة كريمة وعزة نفس خالية من الخبث والرياء , وحافظوا على كرامتهم التي كانت رصيدهم في هذه الحياة , لم يكونوا أكاديميين ولم يذهبوا الى المدارس والجامعات ولكنهم تعلموا بالفطرة بالمجالس الاجتماعية التي علمتهم افضل من تعاليم المدارس وكانت عندهم تجربة حياة كبيرة جدا نقلوها لنا بكل تقدير واحترام .
هكذا كان الإباء والاجداد , حافظوا على مجتمعهم من الخراب والشر وكل سوء حتى وصلنا الى أيامنا , ورويدا رويدا منذ الثورة التكنولوجية وحتى اليوم بدل الاستفادة من هذه الثورة وما جلبت من خير للبشرية للأسف الكثير من شبابنا استغلوها سلبيا ولم ينجحوا بالتعامل معها بشكل صحيح , فأهمل الاهل تربية أولادهم هذه الأيام وفشلوا في نقل موروثهم الحضاري لأولادهم فأصبحت فجوة تربوية بين اباء اليوم واولادهم ملائتها محطات التلفاز الهابطة واليوتيوب حيث تبث سمومها ليل نهار لتلويث نفوس وعقلية أولادنا حيث أصبحت بعض النفوس بشعة ودنيئة ومجرمة, نفوسا أغرقت بالكذب والغش والنصب والاحتيال وخالية من القيم والأخلاق وتسعى لتدمير المجتمع بارتكابهم الجرائم.
الدكتور صالح نجيدات