مملكة الأحلام

زهير دعيم
نُشر: 01/01 14:23

      مملكة الأحلام
                                       
                     قصة للأطفال بقلم : زهير دعيم

على ضفتي نهر المحبّة ، المنساب بهدوء بين الجبال والتلال والوديان ، تقع مملكتان : مملكة السّحر والخيال ومملكة الأحلام .
 والمملكتان تتمتّعان بجمال الطبيعة الخلاّب والخير العميم ، في حين أنّ النهر يسقيهما من مائه العذب ، ويُطعمهما من أسماكه الوفيرة.
       
والمملكتان كانتا بالأصل مملكةً واحدة حكمها السّلطان نور الزّمان ، الذي قسمها بين ولديه حينما شعر أنّ اجله يقترب ، فأعطى مملكة السّحر والخيال الواقعة على الضّفة الغربية من النهر لابنه الأكبر ماجد، في حين أعطى مملكة الأحلام الواقعة على الضّفة الشرقيّة لابنه أمجد . 
  وما أن انتقل السلطان نور الزّمان إلى جوار ربّه ، حتّى دبّ الخلاف بين الأخوين الأميرين : ماجد وأمجد ، فساءت العلاقات وحلّت القطيعة بينهما  ، فما عاد الأخ يسأل عن أخيه أو يزوره أو يطمئن عليه ، بل اشتدّت العداوة وسادت الكراهية ، رغم محاولات الكثير من الملوك التوسّط بين الأخوين ، إلا أنّ هذه المحاولات ذهبت أدراج الرّياح ، فقد اتهم الأمير أمجد أخاه البكر بأنه استولى على كلّ ثروات أبيهما.

  أنعم الله  على الملك امجد بابنةٍ  دعاها إيمان ، حباها الخالق جمالًا ساحرًا وأخلاقًا رفيعة.
 أحبّ الملك ابنته الوحيدة محبّة عظيمة ، فتعلّق بها ، خاصة عندما أضحت صبيّة تملأ العين والوجدان.
 وكبرت الأميرة ، وأضحت عروسًا ، وذاع صيت جمالها وحسن أخلاقها في كلّ أنحاء المنطقة ، فلم يبق أمير أو ملك الا وتقدّم لخطبتها ، وهي تتمنّع وتتغنّج وتقول : ما زلْتُ صغيرة ....ما زلت صغيرة..    

   وفي عصارى  أحد الأيام وبينما كانت الأميرة إيمان تتجوّل في حديقة القصر ، أحسّت بدوار، ثمّ ما لبثت أن سقطت على الأرض،
 وما أن رأتها الوصيفة حتّى هبّت تصرخ وتستدعي الملك والملكة. 
  ساد الحزن القصر وكلّ أنحاء المملكة ، وأسرع الأطباء من المملكة وخارجها الى القصر ، والكلّ يحاول أن يجد دواءً لمرض الأميرة ، ولكن دون جدوى ، وأخذت حالتها تسوء يومًا بعد يوم ، وما عادت تقدر على الوقوف على قدميها ، وانطفأ جمالها وخبا بريق حُسنها  ، فاغتمّ الملك وزوجته غمًّا شديدًا ، حتى ان الملك كثيرا ما كان يبكي في غرفته و يُصلّي لله أن يمدّ يمينه ويشفيها. 
    ازدادت حالة الأميرة إيمان سوءًا ، وكاد الملك الأب أن يفقد الأمل ، فأعلن أنّه سيُزوّج ابنته الأميرة إيمان من أيّ شخص يستطيع أن يداويها ويعيد إليها نضارة الحياة ، حتى ولو كان فقيرًا.  

وفي صباح أحد الأيام وفيما كان أهل القصر والمملكة  يغرقون في الحزن ويرفعون الصلوات الحارّة لله ، حضر الحُرّاس الى القصر  يقودون شابًّا جميل المنظر ، أسود الشَّعر  ، رثّ الثياب ، يحمل بيده حقيبة صغيرة ، وأخبروا الملك أنّ هذا الشّاب الغريب يدعى" نور" وهو  يدّعي انه يستطيع أن يشفي الأميرة .
  عاد الأمل الى القصر من جديد ، حين دخل الشّاب الغريب إلى غرفة الأميرة المريضة ، وأخذ يفحصها بدقّة ، ليعلن انّه فعلا يستطيع أن يُنقذها .
 وصرخ الملك بفرحٍ: لقد سمع الله لصلاتنا  ..ستشفى الأميرة ..نعم ستشفى ...
   ومرّت الأيام والأميرة إيمان تتناول الدّواء ، وبدا التحسُّن يظهر رويدا رويدًا على مُحيّاها ، إلى أن منّ الله عليها أخيرًا بالشّفاء التّام، لتعود البسمات إلى القصر ، ويعود للأميرة "  إيمان " جمالها وحيويتها وضحكتها الرّنّانة .
  وأوفي الملك امجد بوعده ، فحُدّد موعد عرس الشّاب الجميل  نور على أميرة البلاد ، فعَلتِ الزينات وتلألأت الأنوار ، ولبس القصر حُلّةً جميلة ، ووفد إليه الملوك والأمراء من بعيد ومن قريب . ولم ينس الملك أمجد أن يدعوَ أخاه ماجدًا إلى الحفل بعد قطيعة دامت  سنوات كثيرة ، فشفاء الأميرة أنساه العداوة وأنساه المرارة ،  وزرع في داخله محبة البشر.
 
  وبينما كان الملوك والأمراء والمدعوون ينتظرون موكب العروسين ، كانت الدموع تسيل على خدّي الملك ماجد ، فقد تذكّر وحيده نور الزّمان الذي اختفت آثاره وانقطعت أخباره منذ أسابيع عديدة  .
وما أن دخل العروسان بلباسهما الجميل ، يتهاديان بفرح ورشاقة ، حتى صرخ الملك ماجد صرخة مُدوّية :
   نور الزمان .....نور الزّمان ؟!!! أين كنت يا ابني ؟ ..أين كنت  فقد قلقنا عليك ؟!!
   

  وعلت الزغاريد تملأ الأرجاء....وانهمرت الدموع من كلّ 
العيون ......!!!!

   

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة