الهوية بين الصمت والانتماء: العرب في إسرائيل ومأزق الموقف

مرعي حيادري
نُشر: 01/01 18:51

"الهوية بين الصمت والانتماء: العرب في إسرائيل ومأزق الموقف"
*****************************
في زمن تتعقّد فيه الهوية وتتداخل فيه السياسة بالحياة اليومية، تبرز معاناة الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني كمرآة لخذلان عربي، وتيه وطني، وصراع وجودي. هذه المقالة محاولة لفهم المواقف المتأرجحة بين الصمت والفعل، بين الحريات الشخصية والموقف الجماعي، في ظل مشهد حزين لا ينفصل عن غياب الحل العادل للقضية الفلسطينية. تبقى بصمات الحيرة تقتلني في انتظار العودة والتحرر من القيد..

*عرب في إسرائيل والمواقف المتأرجحة بين الفعل والقول والحرية الشخصية*
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
في خضمّ المشهد السياسي المركّب داخل إسرائيل، تقف الجماهير العربية الفلسطينية في مفترق طرق وجوديّ، تمزّقها التناقضات بين الهويّة والانتماء، بين القول والفعل، وبين ما هو شخصي وما هو جمعي. لم تعد السياسة خطابًا علنيًّا فحسب، بل تحوّلت إلى أنماط سلوك يومية، تُعبّر فيها الجموع عن مواقفها بطرائق رمزية صامتة، تختبئ خلف لغة الحياة اليومية. تنهار مواقفها في لحظة مقت لا والتشرذم يصارع أطرافها..

"الصّمت كلغة سياسية بديلة"
"""""""""""""""""""""""""""""""
من يتأمّل الواقع الاجتماعي للعرب في إسرائيل يلحظ كم أن الصمت تحوّل إلى أداة سياسية، ليس نتيجة الجهل أو اللامبالاة، بل كنتيجة للضغط، والخوف، وربما فقدان الثقة بالمؤسسات والقيادات. فحين تغيب أدوات الفعل المباشر، يصبح الصّمت موقفًا، والانكفاء أسلوبًا، والتعبير الرمزي ملجأً للذين لم تعد تعنيهم الشعارات بقدر ما يعنيهم الصمود والبقاء. وهل هناك أدوات تجعل العرب في العودة لبوتقة تلم الشمل كما كان ماضيا..؟


"بين التّداخل العربي والتراجع القومي"
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
لم يكن للعرب في الداخل أن يشعروا يوماً بالغُربة عن محيطهم العربي، لكن تحوّلات العقدين الأخيرين، بما فيها من حروب أهلية، تطبيع سياسي، وتفكك في الخطاب القومي، وضعتهم في حيرة: هل لا يزال المشروع العربي حاضنًا لهم؟ أم أنهم تُركوا لمصيرهم في مواجهة دولة يهودية تُرسّخ يومًا بعد آخر طابعها القومي الأحادي؟
هذا التراجع العربي، مقترنًا بانقسامات الداخل الفلسطيني ذاته، أنتج خطابًا متأرجحًا بين الانتماء والخذلان، وأعاد صياغة مفهوم الهوية ليصبح أكثر فردية وأقلّ شمولية. والتهداف منحني محطمة لا يقوى على شملها اي من الأحزاب..!!

"حرية شخصية أم انسحاب سياسي"؟
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
من هذا التمزّق، برزت أنماط من الحياة اليومية تُركّز على الحريات الفردية والإنجازات الذاتية. لكن هذا التركيز، وإن بدا تحرريًا في ظاهره، يطرح تساؤلات: هل هو شكل من أشكال المقاومة المدنية الصامتة؟ أم أنه انسحاب من الساحة العامة وانكفاء عن العمل السياسي تحت مسمّيات الحداثة والتنوير؟
قد يكون الجواب في كلا الاتجاهين، لكن من الواضح أن هذا التوجّه لا يمكن أن يصمد طويلًا دون مشروع سياسي جامع يعيد ربط الفرد بجماعته، ويُقوّي الشعور بالانتماء الجماعي الفاعل لا السلبي.
وهنا تكمن العقدة والتفتيش،عن حلول لها..؟!

"مشهدٌ حزين في ظلّ غياب الحل"
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""
لا يمكن فصل حالة التيه والجمود التي تعيشها الجماهير العربية في الداخل عن مأزق القضية الفلسطينية الكبرى. فكلما طال انسداد الأفق السياسي، وتعمّق الانقسام الفلسطيني، وازدادت المشاريع الدولية تعقيدًا وغموضًا، ازداد شعور العرب في الداخل بأنهم عالقون في مشهد لا مكان فيه لثوابت واضحة ولا لمستقبل مضمون.
هذا المشهد الحزين ـ الذي يجمع بين الإقصاء من دولة لا تعترف بهويتهم القومية، والتراجع عن مشروع التحرّر الوطني الفلسطيني ـ بات مرآة لانسداد أكبر. وما دام الحلّ العادل غائبًا، ستبقى الجماهير تمارس البقاء السياسي والاجتماعي بأساليب دفاعية لا تتجاوز حدود الصمود، دون أن تنخرط في
مشروع تغييري فعّال. تبقى الصورة ضبابية بلا أجوبة مقنعه..!
إن تحرّر الإنسان الفلسطيني داخل إسرائيل من ارتباكه السياسي مشروط بتحرّر قضيّته الكبرى من عجزها المزمن. فالقضايا المتداخلة لا تُحلّ مجزأة، بل بمنظور شمولي يعيد الاعتبار للعدالة والتاريخ والكرامة،التي باتت مفقودة
الى حين عودتها تتحطم القيود..!

"إلى أين؟"
""""""""""
هل سيبقى الوضع على ما هو عليه؟ هذا سؤال تؤجّله الظروف، ولا تجيب عنه اللحظة. لكن التاريخ يعلّمنا أن السكون الظاهري غالبًا ما يسبق الانفجار، وأن الشعوب التي تبدو صامتة، هي في الحقيقة شعوب تختزن الحيرة بانتظار المعنى، وتكبت الغضب بانتظار الأمل.
في النهاية، لا يمكن البناء على هذا الواقع الرمادي دون تفكيكه وتحليله ومصارحته. ولا يمكن انتظار المستقبل دون مشروع يعيد للفعل السياسي معناه، وللحرية الشخصية أفقها الأوسع ضمن الحريّة الجماعية.
تلك المظاهر التي تم ذكرها، لهي أوصاف دقيقة لما يجري لحال المواطن العربي في إسرائيل، كما لو أنه أداة مقايضة وقت العازة ، وتهميش وقت الحاجة الملحة التي نرغب بها تحديثا لحال هذا المواطن الذي يعاني الأمرين بين المطرقة والسندان..!!
اللهم أني قد نبهت..وأن كنت على خطأ فيقوموني..
"مرعي حيادري"

تابع كل العرب وإبق على حتلنة من كل جديد: مجموعة تلجرام >> t.me/alarabemergency للإنضمام الى مجموعة الأخبار عبر واتساب >> bit.ly/3AG8ibK تابع كل العرب عبر انستجرام >> t.me/alarabemergency

مقالات متعلقة