قرأتُ مقالًا في الملحق الأسبوعي لإحدى الصحف يوم الجمعة، وكان مما يُقال عنه بالعامية “חבל על הזמן”—مضيعة للوقت! الصحافة تكتب كما يحلو لها، لكن السؤال: هل ما يُكتب يعنينا حقًا؟ من يهتم أصلًا؟
ظاهرة “العراب”—تداخل العربية والعبرية في الكلام اليومي—ليست جديدة لكنها باتت متفشية على نحو مقلق ومدمر. نراها في مدارسنا، شوارعنا، المتاجر، المطاعم، وحتى في عيادات الأطباء. هي ليست فقط دخيلة، بل تهدد جمال لغتنا وتاريخنا وثقافتنا. لا أنكر أنني جزء من هذا المجتمع، لكنني أكتب هنا بدافع الغضب، لا من منطلق التوجيه أو الإنقاذ، بل كصرخة: انتبهوا قبل أن نُفقد لغتنا إلى الأبد.
⸻
قال لي طفل لم يتجاوز الثامنة:
“أعرف أن أمي قُتلت. أعلم أنها ماتت. أعلم أنني لست الوحيد الذي سيعيش بلا أم.
لكن، هل تستطيعين أن تخبريني من سيعتني بي؟
من سيساعدني في واجباتي؟ من سيأخذني إلى البحر أو السينما؟
هل يمكنكِ أن تجيبي؟”
فمن يقتل روحًا بريئة، أي شرف له؟
هل نسي القاتل مصير أطفالها، أم أوهم نفسه بأنه وكيل الله على الأرض، يوزع صكوك الطهر والفسق، ويحدد من يستحق الحياة ومن يُحكم عليه بالموت؟
⸻
غادرتُ المدرسة دون رجعة، رغم فقري واحتياجي لكل قرش.
لكن كيف أكون جزءًا من طاقمٍ مدرسيّ يبارك زواج طفلة في الثالثة عشرة؟
قالوا لي: “أنتِ مجنونة! لقد مات زمن القيم والمبادئ!”
وأنا أقول:
بل نحن من قتل الإنسان فينا يا أمي.
⸻
تعقيب:
هذه ليست مجرد مقالات عابرة، بل مشاهد حية من واقعنا، تؤلم وتحفّز للتفكير. ما بين موت اللغة واغتيال الطفولة، وما بين فقدان الأم وقتل البراءة، يصرخ النص في وجه اللامبالاة. في زمن تُفرّغ فيه الكلمات من معانيها، وتُشوَّه فيه القيم، لا بد من الوقوف، لا كمُراقبين، بل كفاعلين في الدفاع عن اللغة، الطفولة، والإنسان.