الرئيسية مقالات

هل للفلسطينيين حقّ الدفاع عن النفس، أم أنّه حكرٌ على إسرائيل فقط؟

كل العرب
نُشر: 03/07/25 14:29,  تحديث: 04:12
هل للفلسطينيين حقّ الدفاع عن النفس، أم أنّه حكرٌ على إسرائيل فقط؟

هل للفلسطينيين حقّ الدفاع عن النفس، أم أنّه حكرٌ على إسرائيل فقط؟

بقلم: النائب د. أحمد الطيبي( رئيس الحركة العربية للتغيير) 
02 تموز 2025 | صحيفة “كل العرب”

في يوم الجمعة الماضي، اقتحم عشرات المستوطنين المسلحين قرية كفر مالك قرب رام الله. هاجموا البيوت، أحرقوا الأشجار والسيارات، اعتدوا على السكان، ونشروا الرعب في صفوف العائلات. لقد كادت إحدى العائلات تُحرق بالكامل داخل منزلها.

دخلوا، دمّروا، أشعلوا النيران، ثم غادروا.

لكن حين حاول أهالي القرية الدفاع عن أنفسهم، ظهرت “دولة إسرائيل” على هيئة عناصر من شرطة حرس الحدود، ليس لحماية الضحايا، بل لتصفية المهاجَمين. وأسفر ذلك عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين بدم بارد، والذريعة: “رشق حجارة”.

ما حدث ليس استثناء، بل هو تجسيد لسياسة ممنهجة: الفلسطيني الذي يدافع عن بيته، زوجته، أطفاله، يُعتبر هدفًا مشروعًا. ليس فقط من قبل المستوطن المعتدي، بل من قِبل المؤسسة الأمنية، السياسية والإعلامية الإسرائيلية، التي ترى في دمه شيئًا زهيدًا.

النظام الأمني الإسرائيلي، وبدعمه معظم المجتمع الإسرائيلي، لا يتوقع من الفلسطيني إلا أن يستسلم، طوعًا وبصمت. لا يُسمح له أن يحتج، أو يعارض، أو يقاوم الاحتلال. وإذا دافع عن نفسه، يتحول فورًا إلى “إرهابي”، وإذا توجه للأمم المتحدة، يُتهم بـ”الإرهاب الدبلوماسي”.

هكذا تُبرمج إسرائيل منظومتها: الفلسطيني هو “المشتبه به الأبدي”، حتى وإن كان هو الضحية.

في غزة، يُسمح للجيش الإسرائيلي بقصف المدنيين حتى وهم في طوابير للحصول على كيس دقيق، بعد تجويعهم عمدًا. في الضفة، يُسمح للمستوطنين بإحراق القرى وتهديد السكان. أما الفلسطيني، فلا يُسمح له أن يدافع حتى عن حياته. وإن فعل، قُتل.

بحسب هذا المنطق المشوّه، الفلسطيني الذي يحمل حجرًا هو “إرهابي”، والمستوطن الذي يُحرق قرية بأكملها هو “محبط”. الجندي الذي يطلق النار على الفلسطيني يُكافأ، والفلسطيني الذي يدافع عن عائلته يُصفّى.

هذه ليست حماية، وليست “دفاعًا عن النفس”. هذه هي أبارتهايد، وهذا هو جوهر التمييز العرقي.

السؤال الجوهري: هل الدفاع عن النفس هو حق حصري لدولة الاحتلال، أم أنه حق إنساني شامل يشمل الفلسطينيين؟
كيف سيكون موقف العالم لو أن الفلسطينيين، وعلى مدار عقود، فعلوا باليهود ما يُفعل بهم اليوم؟
قصف، تدمير، تهجير، حصار، تعذيب، وهدم منازل؟ كم كان سيستغرق الأمر لعقد قمة دولية وإدانة هذه الجرائم؟ وكم من الوقت قبل فرض عقوبات على المعتدين؟
لكن حين يكون الضحية فلسطينيًا، يسود الصمت، أو تتردد تبريرات مخجلة.

الدفاع عن النفس ليس امتيازًا بل حقٌ طبيعي.
حق لكل إنسان ولكل شعب، لا يُنتزع ولا يُقيّد بدين أو قومية أو لون.
هذا الحق لا يُمكن احتكاره، ولا يحقّ لأحد أن يمنحه لهذا الطرف ويحرمه عن ذاك.

الفلسطيني يستحق الحياة، الحرية، الأمان، لطفله وأسرته.
من حقه أن يُصلي دون أن يُقصف، أن يبني بيتًا دون أن يُهدم، أن ينام دون أن يُحرق حيًا.

سيأتي اليوم الذي يتحرر فيه الشعب الفلسطيني من الاحتلال، كما تحرر السود في جنوب أفريقيا، وكما انتصرت كل الشعوب الحرة.
وذلك بفضل من يرفضون الخضوع، من يرفضون منطق أن حياة الفلسطيني أقل قيمة.